تقريظ العلّامة المحدِّث الشيخ شعيب الأرنؤوط ﵀ وأجزل مثوبته
﷽
الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن كتاب الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النَّيسابوري ليُعَدُّ من مصنفات الحديث النبوي المهمة التي عوَّل عليها أئمة الإسلام، وعُنُوا تمام العناية بمطالعة الأحاديث والآثار منها، نظرًا لاشتماله على طرق عزيزة لأحاديثَ وآثارٍ يحتاج إليها طالبُ العلم، وذلك لسَعَة اطلاع الحاكم النيسابوري ﵀، وتفرده بالسماع من شيوخ لم يُقْضَ لغيره السماعُ منهم، لأحاديث ليست عند غير أولئك الشيوخ، خصوصًا في بلده نيسابور الذي قَطَنه علماءُ أجلّاءُ وحفاظٌ عظماءُ، ذكرهم الحاكمُ في كتابه الجليل "تاريخ نيسابور".
وكتابٌ بهذه المكانة الرفيعة جديرٌ بأن تُحقَّق نصوصُه، وتُخرج أحاديثُه، وأن يُقابل على أصوله الخطية العتيقة، وأن يُضبَط ما فيها من أسماء الرواة المشتبهة، وألفاظ الحديث المشكلِة، وأن يُبيَّن ما فيه إبهام أو إيهام من الأسماء والألفاظ.
وقد تصدّى للقيام بذلك كلّه ثُلّةٌ من أصحابي الأوفياء الأساتذة الذين تخرَّجوا على يديَّ في مكتب تحقيق التراث الإسلامي التابع لمؤسسة الرسالة العالمية، ممن لازَموني لأكثر من عشرين عامًا، وبعضهم تجاوز بصحبتي الثلاثين عامًا، وأفادوا مني كافَّة العلومِ التي لا يستغني عنها المحقِّق، من دراسةٍ للأصولِ الخَطيّة، ومقابلتها، ومعرفة خطوطها ورموزها، وضبط مشكلات الألفاظ، وتخريج الأحاديث