الشَّعْبيّ قد نصّ عليه، فقلتُ: أوغير هذا؟! فإن الصحابة الذين هم أعلمُ بذلك من الشعبي قد شهدوا له بحفظ القرآن، وهذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السُّلَمي، سيد القراء من التابعين، قرأ عليه، وله عنه حرفٌ مُجوّد، قال: الشعبي أعرفُ به من غيره …
قال: ثم جرى في المجلس ذكر بنات النبي ﵌: زينب ورقية وأم كلثوم، فقال بعضهم: إن الرواة لينكرون أنهن بنات خديجة من رسول الله ﵌، فقلت: هنَّ بناتها منه، إلا أن ذكر فاطمة ﵂ في الأخبار أشهر، وفضائلها في الروايات أكثر …
ثم ذكر الحاكم كلامًا آخر حصل في ذلك المجلس وغيره مما يتعلق بهذا الموضوع (١).
فكأن الحاكم رحمه الله تعالى لما شاع في زمانه ذلك التحامل على آل بيت النبي ﷺ، وذلك كل الاستخفاف بشأن علي بن أبي طالب، سبب ذلك الأمر لديه رَدّة فعل قويةً، وبرزت لديه غَيرةٌ شديدة على آل بيت النبي ﷺ، فانبرى للدفاع عن أهل البيت الكرام، مبينًا فضائلهم وما امتازوا به عن غيرهم من الناس، مما لا يخالفه فيه أهل السنة والجماعة، ولا سيما علي بن أبي طالب الذي يُقِرُّ أهل السُّنّة بفضائله الجليلة، ولا ينكرونها، ومع ذلك فقد كان أهل النَّصب يُوجهون إليه سهام العداوة والبغضاء، ويتهمونه بما لا تصح نسبته إليه، ولم يُراعُوا له شرف الصحبة ولا القرابة من رسول الله ﷺ، فكان ميل الحاكم لعليّ إذا ردة فعل ضد ذلك التوجه الناصبي الذي ساد في زمانه، والله تعالى أعلم.
- وفاة الإمام الحاكم:
وبعد حياة حافلة بذلك العطاء العلمي المتميز الذي طبع اسم الإمام الحاكم في