للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عنه ابن تَغْرِي بَرْدِي: كان أحدَ أركان الإسلام، وسيّد المُحدِّثين وإمامَهم في وقته، والمرجوعَ إليه في هذا الشأن (١).

[المطلب الخامس: آثاره العلمية]

لقد كان من شأن العلماء المخلصين الصادقين أنهم كانوا يحرصون على تدوين ما تحصّل لديهم من العلوم النافعة والفوائد المهمة التي هي ثمرات جهود مباركة انضمت فيها جهود اللاحقين إلى جهود السابقين من العلماء، حتَّى تكوّن من ذلك تراثٌ علميٌّ قيِّمٌ، كان جديرًا بأن ينال العناية اللائقة به، فكان حتمًا لازمًا تقييد ذلك التراث العلمي في مصنفات مَحُوطة بالحفظ والصيانة وتمام التحقيق، بغية الحفاظ عليها من أن تفوت بوفاتهم، فلا تبقى تلك المعارف حبيسةَ عقول أولئك العلماء وقلوبهم، بل تتناقلها الأجيالُ جيلًا بعد جيلٍ، ويتعدى النفع بها إلى مَن بعدهم، ولتكون منطلقًا للاحقين للمضيّ قُدمًا في المسيرة العلمية، والبناء المعرفي الذي لا حدود له.

وعلى سُنّة أولئك العلماء المخلصين سار الإمام أبو عبد الله الحاكم ، فلم يكن ليَضِنَّ بتلك العلوم والمعارف التي هيا الله تعالى له تحصيلها، فكانت له مصنفاتٌ مفيدة سارت بذكرها الرُّكبان، وحرص أهل العلم على تحصيلها واقتنائها، هذا فضلًا عن تلك الأجزاء التي انتخبها عن شيوخه في حياتهم، حتَّى قُرئت تلك الأجزاء بانتخابه على أولئك الشيوخ، واعتمدوها، مقرِّين له بسَعَة المعرفة وتمام القُدرة على التحقيق والتنقيح.

وكان ابتداءُ الحاكم في التصنيف من سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة (٢).

وكانت مصنفاته تلك في غاية التجويد، فقد قال تلميذه أبو حازم العبدَوي: سمعتُ


(١) "النجوم الزاهرة" ٤/ ٢٣٨.
(٢) المصدر السابق ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>