للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وما توفيقي إلا بالله

أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدٍ الحافظُ إملاءً في يوم الاثنين السابع من المحرَّم سنةَ ثلاث وتسعين (١) وثلاث مئة:

الحمدُ لله العزيز القهّار، الصمد الجبّار، العالِم بالأسرار، الذي اصطفى سيدَ البشر محمدَ بنَ عبد الله بنبوَّته ورسالته، وحذَّر جميعَ خلقِه مخالفتَه، فقال عزَّ من قائل: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]، وصلواتُ الله عليه وعلى آله أجمعين، أما بعد:

فإنَّ الله تعالى ذِكرُه، أنعمَ على هذه الأُمة باصطفائه بصحبة نبيِّه وعلى آلِه، أخيارَ خلقه في عصره، وهم الصحابة النُّجباء، البَرَرة الأتقياء، لَزِمُوه في الشدة والرخاء، حتى حَفِظُوا عنه ما شَرَعَ لأُمته بأمر الله تعالى ذكرُه، ثم نقلوه إلى أتباعهم، ثم كذلك عصرًا بعد عصرٍ وإلى عصرنا هذا، وهو هذه الأسانيد المنقولة إلينا بنقل العَدْل عن العَدْل، وهي كرامة من الله لهذه الأمة خصَّهم بها دون سائر الأمم، ثم قيَّض اللهُ لكل عصر جماعةً من علماء الدين وأئمة المسلمين، يزكُّون رُوَاةَ الأخبار ونَقَلةَ الآثار، ليَذُّبُّوا به الكذبَ عن وحي الملِك الجبَّار، فمن هؤلاء الأئمة: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجُعْفي وأبو الحُسين مسلم بن الحجَّاج القُشَيري ، صنَّفا في صحيح الأخبار كتابين مهذَّبَين انتَشَر ذِكرُهما في الأقطار، ولم يَحكُما ولا واحدٌ منهما أنه لم يصحَّ من الحديث غيرُ ما خرَّجه، وقد نَبَغ في عصرنا هذا جماعةٌ من المبتدِعة يَشمَتُون برواة الآثار، بأنَّ جميع ما يصحُّ


(١) تحرَّف في (ب) إلى: سبعين، بتقديم السين.

<<  <  ج: ص:  >  >>