للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرع الرابع: توسع الحاكم في شرط الشيخين، بتصحيحه أحاديث رواة ذكرهم الشيخان في المتابعات والشواهد ومقرونين وفي التعاليق؛ فإنه يرى أن ذلك من شرطهما]

فعند تصحيحه الحديث على شرط الشيخين أو أحدهما ويكون رجال إسناده من رجالهما حقيقةً، فإنه لا يتقيّد بما إذا خرجا لأولئك الرجال احتجاجًا أو في المتابعات والشواهد، أو مقرونين أو في التعاليق، مع ضبطه لذلك ومعرفته، فإن للحاكم عنايةً خاصةً بـ "الصحيحين"، فقد قال وهو يتحدث عن "صحيح البخاري": جمعتُ هذا الكتاب أربع مرات، صنفته أولًا على الرجال من الصحابة، ثم نقلتُ الرقاع، ثم هذبتُه على الرجال، ثم رتبته وأمليته (١).

ثم إن له عنايةً ببيان مَن خَرّج له الشيخان احتجاجًا ومن خرجا له في المتابعات والشواهد وغير ذلك، كما بيّن ذلك في "المدخل إلى الصحيح"، حيث عقد بابًا في ذكر مشايخ روى لهم البخاري في المتابعات والشواهد وعقد بابًا آخر في الرواة الذين عيب على مسلم إخراج أحاديثهم والإجابة عنه، مبينًا أن أكثرهم ممن أخرج لهم مسلم استشهادًا أو متابعةً لا في الأصول (٢)، فهذا يدلّ على أن الحاكم على دراية تامة بما يقوله، والصحيح أن يقال: إنه ذهب في شرط الشيخين إلى ما هو أوسع وأبعد مما قيَّده به كثيرون ممن جاؤوا بعده.

وهذا ما ظهر لنا من خلال عملنا في هذا الكتاب واستقرائنا لأحكامه على الأحاديث بالصحة على شرط الشيخين أو أحدهما؛ حيث يُدخِلُ في شرط الشيخين كلَّ راوِ رويا له في كتابيهما، بغضّ النظر عن هيئة روايات أولئك الرواة، من حيث صيغ تحملهم وأدائهم، وبغضّ النَّظَر كذلك عمّن رويا له في المتابعات والشواهد منهم، ومما يدل على صحة ذلك قوله - مثلًا - بإثر عدد من الأحاديث التي يرويها من طريق


(١) "مقدمة كتابه فضائل فاطمة الزهراء" ص ٣١.
(٢) "المدخل إلى الصحيح" ٤/ ١٩ و ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>