للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرط الشيخين أو أحدهما مع وجود نفس رجالهما حقيقةً، وتارةً أخرى يطلق الصحة على شرط الشيخين أو أحدهما مع وجود غير رجالهما، فلا يتوجه الاعتراض عليه فيما ذكره الزركشي، من كونه يقول عقب أحاديث أخرجها: صحيح على شرط مسلم فقد احتج بفلان وفلان؛ يعني المذكورين في سنده، ولا الاعتراض عليه في قوله في المثال الذي ذكره ابن حجر بأنه لو كان أبو عثمان الذي في إسناد الحديث المذكور هو النَّهدي لحكمتُ به على شرط الشيخين، وأن هذا جُنوحٌ منه إلى إرادة نفس رجال الصحيح، وليس ذلك بمعارِض لما قدَّمه الحاكم في المقدمة، لأن عبارة الحاكم يجوز أن تَشمَل رجال الصحيحين أنفسهم ومَن كان مِثلَهم في الثقة، ونحن وجدناه أطلق شرط الشيخين على أحاديث لرجالهما وعلى أخرى فيها غيرُ رجالهما، وهذا يدل على أنه أراد الأمرين كليهما، ولذلك فإننا نرى وجاهة ما نقله السخاوي عما أفاده شيخه ابن حجر العسقلاني - وكأنّ هذا هو ما انتهى إليه ابن حجر أخيرًا - من أن المثلية أعم من أن تكون في الأعيان أو الأوصاف، لا انحصار لها في الأوصاف، لكنها في أحدهما حقيقةً، وفي الآخر مجازٌ، فاستعمَل المَجازَ حيث قال عقب ما يكون عن نفس رواتهما: على شرطهما، والحقيقة حيث قال ذلك عقب ما هو عن أمثال رواتهما (١).

وكذلك قال ابن حجر أيضًا فيما نقله عنه تلميذه برهان الدين البقاعي: إن مراده بالمثل في قوله: خَرَّج لمثلها الشيخان، أعمُّ من العين والشَّبَه، وصنيعه يوضّح ذلك؛ فإنه إذا روى حديثًا بإسناد خرّج لرواته البخاري، قال: صحيح على شرط البخاري، ولو كان مراده بالمثل معناه الحقيقي، لَزِمه في كلِّ إسنادٍ جمع شرط البخاري أن يقول: إنه على شرطهما؛ لأن شرطه أصعب من شرط مسلم (٢).


(١) "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" ١/ ٧٠.
(٢) "النكت الوفية بما في شرح الألفية" ١/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>