للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرع الخامس: اعتماد الحاكم لتفسير الصحابي، وعده إياه في حكم المرفوع]

فقد ذكر في بداية كتاب التفسير من "مستدركه" ما نَصَّه: تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسنَدٌ (١). كذا قدم بهذه المقدمة ليبين أن منهج الشيخين البخاري ومسلم هو اعتماد تفسير الصحابي، وعدهما له حديثًا مسندًا، وأنه لا يخالف الشيخين في ذلك، فمهما أورد من تفسيرات للصحابة في هذا الكتاب فإنه جارٍ في ذلك على طريقتهما، وأن استدراكه فيه عليهما استدراكٌ صحيحٌ.

وكذلك الحال عنده في تفسير الصحابي لمعنى ذكره النبيُّ ، يَعُدُّه من قبيل المرفوع، كما في تفسير عائشة لمعنى التميمة بقولها: ليست التميمة ما تُعلَّق به بعد البلاء، إنما التميمة ما تُعلَّق به قبل البلاء. فقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولعل متوهّمًا يتوهم أنها من الموقوفات على عائشة ، وليس كذلك؛ فإن رسول الله قد ذكر التمائم في أخبار كثيرة، فإذا فَسّرت عائشة التميمة فإنه حديثٌ مسندٌ (٢).

لكن تعقبه الزركشي بقوله: والتحقيق أن يقال: إن كان ذلك التفسير مما لا مجال للاجتهاد فيه، فهو في حكم المرفوع، وإن كان يمكن أن يَدخُلَه الاجتهاد، فلا يُحكم عليه بالرفع (٣).

ومن منهج الحاكم كذلك أنه يعتمد أقوال الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، ويَعُدُّه حُجةً، ولهذا لما أورد حديث عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: إذا لَهَوتُم فالْهُوا بالرمي، وإذا تحدثتُم فتَحدّثوا بالفرائض. قال الحاكم: هذا وإن كان موقوفًا فإنه صحيح الإسناد، ويؤيده قوله : "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" (٤).


(١) "المستدرك" (٣٠٥٨).
(٢) "المستدرك" (٧٦٩٧).
(٣) "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ١/ ٤٣٤ - ٤٣٥.
(٤) "المستدرك" (٨١٥١). =

<<  <  ج: ص:  >  >>