للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفرع العاشر: خروج الحاكم عن شرطه في "المستدرك" أحيانًا، مع بيانه الأسباب في كل ذلك:

ولا بد لنا في هذا المجال أن ننبه إلى أمرٍ غاية في الأهمية مما يتعلق بالتزام الحاكم بشرطه في كتابه، وهو أنه كان يخرج عن شرطه في الكتاب أحيانًا، غير أنه كان ينبه إلى سبب ذلك ولا يُهمله، ليبيّن لمن قد يعترض عليه بأنه ليس على غفلة وذهول من ذلك، ومن الأمثلة التي وقفنا عليها:

١ - ترخصه في قسم التاريخ وسير الصحابة ومناقبهم بنزوله فيه إلى أخبار الواقدي ونظرائه، كما صرّح الحاكم نفسه بذلك في بداية كتاب معرفة الصحابة، فقال: أما الشيخان فإنهما لم يزيدا على المناقب، وقد بدأنا في أول ذكر الصحابي بمعرفة نسبه ووفاته، ثم بما يصحُّ على شرطهما من مناقبه مما لم يخرجاه، فلم أستغن عن ذكر محمد بن عمر الواقدي وأقرانه في المعرفة (١).

ولكن إيراده لأخبار الواقدي في هذا الباب لا يغضُ من شأنه بحال، لأن معنى كلامه الذي ذكرناه عنه أنه يُسند عن الواقدي من أقواله ما يتعلق بتراجم الصحابة وأنسابهم ووفياتهم، وليس في الروايات المرفوعة في ذكر مناقبهم، التي اشترط هو نفسه فيها صحة الإسناد على شرط الشيخين، ولهذا نجده لا يَعُدُّ الواقدي من شرط كتاب "المستدرك"، كما صرّح به في قوله بين يدي حديثٍ يرويه من طريقه ذَكَرَه شاهدًا: وله شاهد آخر من حديث الواقدي، وليس من شرط هذا الكتاب (٢).

قلنا: وإذا كان النقل عن الواقدي دائرًا بين تراجم الصحابة وأنسابهم وتواريخ وَفَيَاتهم، فالواقدي في تلك الأمور إمام جليل القدر؛ لا يُنكر معرفته وتقدمه في هذا الميدان أحدٌ من ذوي النَّصَفة.

على أنه في الرواية كذلك ليس متهمًا بوضع أو كذب، إلا أنه لا يحتج به فيما


(١) "المستدرك" بين يدي الخبر (٤٤٥١).
(٢) "المستدرك" (٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>