للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحقُّق شرط الصحة فيما يُصحِّحُه.

٥ - وقوله كذلك بأنه قلَّ أن تجد في الأحاديث التي في أسانيدها رجالٌ لم يخرج الشيخان لهم لا في الاحتجاج ولا في المتابعات، حديثًا يلتحق بدرجة الصحيح، فقول فيه مجازفة منه ، فمن خلال عملنا في الكتاب ظهر لنا أن جملةً من تلك الأحاديث صحيحة أو حسنةٌ لذاتها، وجملةً أخرى مما ضعفها يسير ولها شواهد تقويها، وهذا مما يُلحِقُها بالصحيح عند أهل المعرفة.

٦ - ثم في تصحيحه مقالة ابن الأخرم بحجة ما ذكره من أمثلة على أوهام وقعت للحاكم في تصحيحه لأحاديث مُعَلَّة، فكلام غير متجه؛ فليس مجرد وقوع مثل ذلك من الحاكم مما يصلح دليلًا على صحة قول ابن الأخرم القائل: بأنه قَلَّ ما يفوتُ البخاري ومسلمًا مما يثبت من الحديث، فأين هذا من هذا؟! على أن في تصريح الشيخين أنفسهما بأنهما قد تركا من الصحيح فلم يُودِعاه في كتابيهما، جوابًا كافيًا في الردّ على ابن الأخرم وغيره كما تقدم في بداية هذا المطلب.

وعليه فما قاله الذهبي في شأن "المستدرك" هو أولى الأقوال فيه وأوجهها، وهو ما ظهر لنا من خلال عملنا في الكتاب، فإن في "المستدرك" نصيبًا وافرًا من الأحاديث الصحيحة على شرطهما وونصيبًا وافرًا من الأحاديث الصحيحة والجيدة والحسنة الأسانيد على غير شرطهما، ونصيبًا وافرًا مما ضعفه يسير ينجبرُ بالمتابعات والشواهد، وفيه بعض المناكير التي ضعفُها ظاهرٌ جليٌّ، والله تعالى أعلم.

وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيميَّة حال الحاكم في ذلك، فقال: غالب ما يصححه فهو صحيح، لكن هو في المصححين بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه، وإن كان الصواب أغلب عليه (١).

وأحسَنَ الحافظ ابن رجب الحنبلي أيضًا حين ذكر كتاب "المستدرك"، فقال: والتحقيقُ أنه يصفو منه صحيح كثير على غير شرطهما، بل على شرط أبي عيسى


(١) "قاعدة جليلة في التوسُّل والوسيلة" ص ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>