١٥٤٨ - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً، حدثنا بكَّار بن قُتيبةَ القاضي، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، حدثنا أبان بن يزيد العطّار، عن يحيى بن أبي كَثِير، عن زيد بن سلَّام، عن أبي سلَّام، عن الحارث الأشعري: أنَّ رسول الله ﷺ قال: "إِنَّ الله أَوحى إلى يحيى بن زكريا بخَمسِ كلمات أن يَعملَ بهنَّ ويأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فكأنه أبطأَ بهنَّ، فأتاه عيسى، فقال: إنَّ الله أمرَكَ بخمس كلماتٍ أن تَعمَلَ بهِنَّ وتأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإما أن تُخبِرَهم، وإما أن أُخبِرَهم، قال: يا أخي لا تفعلْ، فإني أخاف إن سَبَقْتَني بهنَّ أن يُخسَفَ بي وأُعذَّبَ.
قال: فجَمَعَ بني إسرائيل ببيت المَقدِس حتى امتَلأَ المسجد، وقَعَدُوا على الشُّرُفات، ثم خَطَبَهم فقال: إنَّ الله أوحى إليَّ بخمس كلماتٍ أن أعمَلَ بهنَّ، وآمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ: أوّلُهنَّ أن لا تُشرِكوا بالله شيئًا، فإِنَّ مَثَلَ مَن أشرك بالله كمَثَل رجلٍ اشترى عبدًا من خالص ماله بذهبٍ أو وَرِقٍ، ثم أَسْكنَهُ دارًا فقال: اعمَلْ وارفَعْ إليَّ، فجعل يعملُ ويرفعُ إلى غير سيِّدِه، فأيكم يَرضَى أن يكون عبدُه كذلك؟ فإِنَّ الله خلقكم ورَزَقكم، فلا تُشرِكوا به شيئًا.
وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تَلْتَفِتوا، فإنَّ الله يُقبِلُ بوجهه إلى وجهِ عبدِه ما لم يَلتفِتْ، وآمُرُكم بالصيام، ومَثَلُ ذلك كمَثل رجلٍ في عصابةٍ معه صُرَّة مِسْكٍ، كلهم يحبُّ أن يَجِدَ ريحَها، وإنَّ الصيام أطيبُ عند الله من ريح المِسْك.
وآمرُكم بالصدقة، ومَثَلُ ذلك كمَثَل رجلٍ أسَرَه العدوُّ، فأوثَقوا يدَه إلى عُنُقِه، وقرَّبوه ليضربوا عُنُقَه، فجعل يقول: هل لكم أن أَفدِيَ نفسي منكم؟ وجعل يُعطي القليلَ والكثيرَ حتى فَدَى نفسَه.
وآمُرُكم بذِكر الله كثيرًا، ومَثَلُ ذِكرِ الله كمَثَلِ رجلٍ طلبه العدوُّ سِرَاعًا في أَثرِه، حتى أتى حِصْنًا حَصِينًا، فأحرَزَ نفسَه فيه، وكذلك العبدُ لا ينجو من الشيطان إلَّا بذِكرِ الله".
قال رسول الله ﷺ: "وأنا آمُرُكم بخمسٍ أمَرَني الله بهنَّ: الجماعةِ، والسَّمْعِ، والطاعةِ،