للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يومَ حُنين، فولَّى عنه الناس وبقيتُ معه في ثمانين رجلًا من المهاجرين والأنصار، فكُنا على أقدامِنا نحوًا من ثمانين قدمًا ولم نُولِّهم الدُّبُرَ، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينةَ، قال: ورسول الله على بغلته يمضي قُدُمًا، فحادَت بغلته، فمال عن السّرِج، فشَدَّ نحوه، فقلتُ: ارتفع رفعَكَ الله، قال: "ناوِلْني كفًّا من ترابٍ" فناولتُه، فضرب به وجوهَهم، فامتلأ أعينُهم ترابًا، قال: "أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم هنا، قال: "اهتِفْ بهم" فَهَتَفتُ بهم، فجاؤوا وسيوفُهم في أيمانهم كأنها الشُّهُب، وولَّى المشركون أدبارَهم (١).


(١) رجاله ثقات، لكنه اختُلف في سماع عبد الرحمن - وهو ابن عبد الله بن مسعود - من أبيه، واختُلِف أيضًا على القاسم بن عبد الرحمن، فخالف فيه الحارثَ بنَ حصيرة عبدُ الرحمن بنُ عبد الله المسعودي، فرواه عن القاسم عن عبد الله بن مسعود، دون ذكر عبد الرحمن في إسناده، والمسعودي أوثق من الحارث وأعلم بحديث ابن مسعود من غيره، وخالفه أيضًا في متنه، فذكر في روايته أنه نُودي في الناس يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة. هكذا بصيغة المجهول، وقد تبين من حديث العباس بن عبد المطلب عند مسلم (١٧٧٥) والحميدي (٤٥٩) وغيرهما أنَّ العباس هو الذي نادى: يا أصحاب البقرة ويا أصحاب السَّمرة. فليس هو ابن مسعود، كما وقع في رواية الحارث ابن حَصِيرة هذه، ولعلَّ هذا هو ما دعا الذهبي للحكم على هذا الحديث بالنكارة.
وأما ذكر عدد من ثبت مع النبي ، فلا نكارة فيه، ويؤيده حديث ابن عمر عند الترمذي (١٦٨٩)، قال: لقد رأيتنا يوم حنين وإن الفئتين لمولّيتان، وما مع رسول الله منة رجل. وصحَّحه الترمذي وحسَّنه الحافظُ في "الفتح" ١٢/ ٥٤٨، وجمع الحافظ بين ما وقع في رواية ابن مسعود ورواية ابن عمر، وبين ما قاله أهل السير الذين ذكروا أنَّ الذين ثبتوا تسعة أو عشرة رجال فقط، فقال: من زاد على العشرة يكون عجّل في الرجوع فعُدَّ فيمن لم ينهزم.
وأخرجه أحمد ٧/ (٤٣٣٦) عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد، وقال فيه: فنكصنا على أقدامنا نحوًا من ثمانين قدمًا. وهو يدل على أنَّ الثمانين الذين ثبتوا يشمل من رجع بعد أن فرَّ غير بعيدٍ.
وهذا يؤكد صحة ما قاله الحافظ من الجمع المذكور، والله أعلم.
وأخرجه مختصرًا ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٢/ ١٤٤ من طريق عبد الله بن المبارك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: نُودي في الناس يوم حُنين: يا أصحاب سورة البقرة، فأقبلوا بسيوفهم كأنها الشُّهُب، فهزم الله المشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>