للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأتيهم يومَ سَبتِهم، شُرَّعًا بِيضًا سِمانًا كأمثال المَخَاض بأفنِياتِهم وأبنِياتِهم (١)، فإذا كان في غير يوم السبت لم يَجِدُوها، ولم يُدرِكوها إلَّا في مَشَقَّة ومُؤْنة شديدة، فقال بعضهم لبعض، أو من قال ذلك منهم: لعلَّنا لو أخذناها يومَ السبت وأكلناها في غير يوم السبت، ففعل ذلك أهلُ بيتٍ منهم فأَخذوا فشَوَوْا فوَجَدَ جيرانُهم ريحَ الشِّواء، فقالوا: واللهِ -ما نُرَى أصاب (٢) بني فلان شيءٌ، فأخذها آخرون، حتى فَشَا ذلك فيهم وكَثُر، فافترقوا فِرَقًا ثلاثًا: فِرقةً أكَلَت، وفرقةً نَهَتْ، وفرقةً قالت: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [الأعراف: ١٦٤] فقالت الفرقة التي نهت: إنّا نُحذِّركم غضبَ الله وعقابه، أن يصيبكم بخَسْفٍ أو قَذفٍ أو ببعضِ ما عندَه من العذاب، والله لا نُبايِتُكم في مكان وأنتم فيه، وخرجوا من السُّور.

فغَدَوْا عليه من الغد، فضربوا بابَ السُّور فلم يُجِبْهم أحد، فأتَوْا بسَبَبٍ (٣) فأَسنَدوه إلى السور، ثم رَقِيَ منهم راقٍ على السور، فقال: يا عبادَ الله، قِرَدةٌ واللهِ لها أذنابٌ تَعَاوَى، ثلاث مرات، ثم نزل من السور ففَتَح السور، فدخل الناس عليهم، فَعَرَفَت القردةُ أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنسُ أنسابَها من القردة، قال: فيأتي القردُ إلى نَسيبِه وقريبِه من الإنس فيَحتَكُّ به ويَلصَقُ، ويقول الإنسان: أنتَ فلان؟ فيشير برأسه؛ أي: نَعَم، ويبكي، وتأتي القردةُ إلى نسيبها وقريبها من الإنس فيقول لها: أنتِ فلانة؟ فتشير برأسها؛ أي: نَعَم، وتبكي، فيقول لهم الإنس: أمَا إنَّا حذَّرناكم غضبَ الله


(١) تصحف في المطبوع إلى: بأفنائهم وأبنيائهم. وأفنيات وأبنيات هما جمع الجمع لفناء وبناء، وجمعهما: أفنية وأبنية، قال الشيخ عبد الغني عبد الخالق في تعليقه على "أحكام القرآن" للبيهقي ٢/ ١٧٤: أما "أفناء" فهو محرَّف قطعًا، لأنه اسم جمع يطلق على الخليط من الناس أو القبائل، وأما "أفنياء وأبنياء" فالظاهر أنهما محرَّفان، إلّا إن ثبت أنهما جمعا تكسير.
قلنا: والمَخاض: الحوامل من النُّوق، شبهها بها لعِظَمها.
(٢) في النسخ الخطية: ما نرى أصحاب، وهو تحريف، والمثبت من رواية البيهقي.
(٣) أي: بسُلَّم، كما وقع للبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>