للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو أُمامة: يا أيها الناس، إنكم قد أصبحتُم وأمسيتُم في منزلٍ تقتسمون فيه الحسناتِ والسيِّئاتِ، وتُوشِكُون أن تَطعنَوا منه إلى المنزلِ الآخَر، وهو هذا - يشير إلى القَبْر - بيتُ الوَحْدة وبيتُ الظُّلْمة، وبيتُ الدُّود وبيت الضِّيق إلَّا ما وَسَّعَ الله، ثم تنتقلون منه إلى مواطنِ يوم القيامة، فإنكم لَفِي بعضِ تلك المواطنِ حتى يَغشَى الناسَ أمرٌ من أمرِ الله، فتَبيَضُّ وجوهٌ وتسوَدُّ وجوهٌ، ثم تنتقلون منه إلى منزلٍ آخرَ فيغشى الناسَ ظلمةٌ شديدة، ثم يُقسَمُ النُّورُ، فيُعطَى المؤمنُ نورًا ويُترك الكافرُ والمنافقُ فلا يُعطَيانِ شيئًا، وهو المَثَلُ الذي ضرب اللهُ في كتابه: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، ولا يستضيءُ الكافرُ والمنافقُ بنور المؤمن كما لا يستضيءُ الأعمى ببَصَرِ البصير، يقول المنافق للذين آمنوا: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا﴾ [الحديد: ١٣]، وهي خَدْعة [الله] (١) التي خَدَع بها المنافقَ، قال الله ﷿: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]، فيَرجِعون إلى المكان الذي قُسِمَ فيه النورُ فلا يَجِدُون شيئًا، فينصَرِفون إليهم وقد ضُرِبَ بينهم ﴿بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾ نصلِّي بصلاتِكم ونَغزُو بمَغازِيكم ﴿قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ تلا إلى قوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الحديد: ١٣ - ١٥] (٢).


(١) زيادة من "الأسماء والصفات" للبيهقي حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه، وهي كذلك في "زهد ابن المبارك".
(٢) إسناده صحيح. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (١٠١٥)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧٢/ ٢٦٢ عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>