للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نهوه أن يُضيف رجلًا حتى قالوا: خَلِّ عنا، فلنُضِفِ الرجال، فجاء بهم ولم يُعلِمُ أحدًا إِلَّا أهلَ بيتِ لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومه، قالت: إن في بيت لوط رجالًا ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاءه قومه يُهرَعُون إليه، فلما أتوه قال لهم لوط: يا قوم، اتَّقُوا الله ﴿وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود: ٧٨]؟! ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ مما تريدون، قالوا له: أوَلَم نَنْهَكَ أن تُضيف الرجال، قد ﴿عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [هود: ٧٩]، فلما لم يقبلُوا منه شيئًا عرضه عليهم، قال: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠]، يقول صلوات الله عليه: لو أنَّ لي أنصارًا ينصروني عليكم أو عشيرةً تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما جئتم تُريدونه من أضيافي، ولما قال لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، بسط حينئذ جبريل جناحيه، ففقأ أعينهم، وخرجوا يدوس بعضُهم في آثار بعض عُميانًا يقولون: النَّجا النَّجا، فإنَّ في بيت لوط أسحر قومٍ في الأرض، فذلك قول الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ﴾ [القمر: ٣٧]، وقالوا: يا لوط إنا رسل ربك لن يصِلُّوا إليك ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ [هود: ٨١] فاتَّبِع آثارَ أهْلِكَ، يقول: سِرْ بهم، ﴿وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥]، فأخرجهم الله إلى الشام، وقال لوط: أهلِكُوهم الساعة، فقالوا: إنا لم نُؤْمَرُ إلَّا بالصبح، أليس الصبحُ بقريب؟ فلما أن كان السَّحَرُ خرج لوط وأهله معه امرأته، فذلك قول الله ﷿: ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ [القمر: ٣٤] (١).


(١) إسناده حسن. مُرَّة: هو ابن شراحيل الهَمْداني، وأبو مالك: هو غزوان الغفاري، والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن، وأسباط: هو ابن نصر، وعمرو بن طلحة: هو عمرو بن حماد بن طلحة القناد.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٢٩٩ - ٣٠٠ و ٣٠٣ عن موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد بن طلحة، به.
وأخرجه مختصرًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٦/ ٢٠٦٠ عن أبي زرعة الرازي، والطبري في =

<<  <  ج: ص:  >  >>