للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموتَ ويُكرِّه إليه الحياةَ، فحُوِّلت النبوةُ إلى يُوشَع بن نُون، فكان يَغدُو إليه ويَرُوح، فيقول له موسى: يا نبيَّ الله، ما أحدَثَ اللهُ إليك؟ فيقول له يُوشَع بن نُون: يا نبي الله، ألم أصحَبْك كذا وكذا سنةً، فهل كنتُ أسألُك عن شيءٍ مما أحدَثَ اللهُ إليك حتى تكون أنت الذي تَبتدئ به وتَذكُرُه، فلما رأى ذلك موسى كَرِهَ الحياةَ وأحبَّ الموت (١).

٤١٥٧ - أخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا عبد المُنعِم، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، قال: ذُكِر لي أنه كان مِن أمر وفاة صَفِيِّ الله موسى أنه إنما كان يَستَظِلُّ في عَريشٍ ويأكُلُ ويَشربُ في نَقيرٍ من حَجَر، كما تَكْرَعُ الدابّةُ في ذلك النَّقير، تواضعًا لله، حتى أكرمَه اللهُ بما أكرمَه به من كلامِه، فكان مِن أمر وفاته أنه خرج يومًا من عَريشه ذلك لبعض حاجتِه، ولا يَعلَمُ أحدٌ مِن خَلْق الله، فمرَّ برَهْطٍ من الملائكة يَحفِرون قبرًا، فعرَفَهم فأقبل إليهم حتى وقف عليهم، فإذا هم يَحفِرون قبرًا، ولم يَرَ شيئًا قطُّ أحسنَ منه مِثلَ ما فيه من الخُضْرة والنَّضْرة والبَهْجة، فقال لهم: يا ملائكةَ الله، لمن تَحفِرون هذا القَبْرَ؟ قالوا: نَحفِرُه واللهِ لعبدٍ كريمٍ على ربّه، فقال: إنَّ هذا العبدَ مِن الله بمَنْزِلٍ، ما رأيتُ كاليوم مَضجَعًا ولا مَدْخلًا، وذلك حين حَضَرَ من الله ما حَضَرَ فِي قَبْضِه، فقالت له الملائكةُ: يا صفيَّ الله، أتُحبُّ أن تكون ذلك؟ قال: وَدِدتُ، قالوا: فانزِلْ فاضطجِعْ


(١) وأخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٤٣٣ عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة بن الفضل، به.
روي نحوه عن محمد بن كعب القُرظي عند أبي حذيفة إسحاق بن بشر البخاري كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر ٧٤/ ٢٦٧، لكن أبا حذيفة هذا متروك الحديث وكذَّبه ابن المديني، وشيخه موسى بن عُبيدة الربذي ضعيف الحديث.
والصحيح في ذلك أن موسى إنما كان يكره الموت لما فاجأه به ملك الموت، لكن بعد أن خيَّره اللهُ اختار الموت طواعية ورغبة في الآخرة، كما تقدم في حديث أبي هريرة برقم (٤١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>