وكذلك رواه سفيان بن عُيينة عن هشام بن عُرْوة، لكنه قال: عن أبيه عن مولًى لهم. أخرجه من طريقه أبو نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (١٢٠). ورواه إسماعيل بن أبان الغَنَوي عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، فوصله بذكر عائشة. أخرجه من طريقه ابن الأعرابي في "معجمه" (٦٧٤)، والبيهقي ٤/ ٥١. قال البيهقي: إسماعيل الغنوي متروك. وذكر الدارقطني في "علله" (٣٤٩٤) أنَّ الدراوردي رواه كذلك موصولًا بذكر عائشة. وفيه نظر، لأنَّ ابن سعد قد أخرجه كما تقدَّم من طريقه مرسلًا ليس فيه عائشة. وقد تقدَّم موصولًا كذلك من طريق الزُّهْري عن عروة عن عائشة، إلّا أنَّ إسناده إلى الزُّهْري في غاية الضعف. فلا يصح إذًا ذكر عائشة فيه البتة. فالصحيح من ذلك أنَّ هشام بن عُرْوة رواه عن عثمان بن الوليد عن عروة بن الزبير مرسلًا، وربما كان هشامٌ سمعه بعد ذلك من أبيه مباشرة، فلا يبعُد ذلك، خصوصًا أن البخاري وغيره قد أخرجوا روايته عن أبيه عن عائشة في دفن الصِّدِّيق ليلًا، وهي قطعة من هذا الخبر الذي هنا، فلم يذكروا فيه عثمان بن الوليد بل فيه عند بعضهم تصريح هشام بسماعه له من أبيه، فيكون الوجهان محفوظين. والظاهر أنَّ عروة بن الزُّبير سمع قصة الصلاة على أبي بكر في المسجد من المولى المذكور، كما صرَّح بذكره في روايته ابن عُيينة، وطَوَى ذِكْره في رواية الآخرين في معرض الاحتجاج به لا في معرض الرواية كما تدل عليه رواية معمر والثوري. فيتحصّل من ذلك كلّه أنَّ هشامًا سمع قصة دفن أبي بكر الصِّدِّيق ليلًا من أبيه عروة الذي سمعها من خالته عائشة. وسمع هشام قصة الصلاة على أبي بكر في المسجد من عثمان بن الوليد، وعثمان سمعها من أبيه عروة، وعروة بن الزُّبير سمعها من مولاهم المذكور، ثم سمعها هشام من أبيه مباشرة دون واسطة، والله تعالى أعلم. =