وكما وهمَ علي بن زيد أيضًا في تفرُّده بذكر قوله ﷺ الذي قاله في الثناء على عثمان بن مظعون أنه كان منه ﷺ عند وفاة ابنته التي اضطرب علي بن زيد في تعيينها، فمرة يذكر زينب، ومرة يذكر رُقية، وهو الأكثر، مع أنَّ النبي ﷺ إنما قال القول المذكور في الثناء على عثمان بن مظعون عند وفاة ابنه إبراهيم كما ورد من عدة طرق، ثم إنَّ ذكره لرقيَّة وهمٌ لا محالة من جهة أنَّ رقيَّة إنما ماتت وهو ﷺ في غزوة بدر، ومعلومٌ أنَّ عثمان بن مَظعون شهد بدرًا، فكيف يكون عثمان فَرَطًا لرقيّة وهو إنما مات بعدها. ومن هنا يُعلَم أنَّ قول الذهبي في "تلخيصه" بأنَّ سند هذا الخبر صالح، غير مسلَّم له، والصحيح قوله بعد ذلك في "ميزان الاعتدال" في ترجمة علي بن زيد، وفي سير أعلام النبلاء" في ترجمة رقيَّة: هذا منكرٌ. وأخرجه أحمد ٤/ (٢١٢٧) عن يزيد بن هارون، و ٥/ (٣١٠٣) عن عبد الصمد بن عبد الوارث وحسن بن موسى وعفان بن مسلم أربعتهم عن حمّاد بن سَلَمة، بهذا الإسناد. وكلهم غير يزيد ذكروا في الخبر رقية بنت رسول الله ﷺ بدل زينب. وزادوا جميعًا بعد قصة عمر قوله ﷺ: "ابكين - أودعهنَّ يبكين - وإياكنّ ونعيقَ الشيطان"، وزادوا غير يزيد بن هارون بعد ذلك: أنَّ فاطمة قعدت إلى جنب رسول الله ﷺ على شفير قبر رقيَّة وجعلت تبكي، فجعل النبي ﷺ يمسحُ عين فاطمة بثوبه رحمةً لها. وحديث أم العلاء الأنصارية الذي أشرنا إليه سابقًا أخرجه أحمد ٤٥ / (٢٧٤٥٧)، والبخاري (١٢٤٣) و (٢٦٨٧) و (٣٩٢٩)، و (٧٠٠٣) و (٧٠١٨)، والنسائي (٧٥٨٧)، وابن حبان (٦٤٣) من طرق عن الزُّهْري، عن خارجة بن زيد بن ثابت عنها، أنها أخبرته: أنَّ عثمان بن مظعون طار لهم في السُّكنى، حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين، قالت أم العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون فاشتكى فمرّضناه حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه دخل علينا رسول الله ﷺ، فقلتُ: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك اللهُ، فقال لي النبي ﷺ: "وما يُدريكِ أَنَّ الله أكرمه؟! فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله، فقال رسول الله ﷺ: "أما عثمان فقد جاءه والله اليقينُ، وإني لأرجو له الخيرَ، والله ما أدري وأنا رسولُ الله ما يُفعَل بي"، قالت: فوالله لا أُزَكِّي أحدًا بعده أبدًا، وأحزنني ذلك، قالت: فنمتُ، فأُريت لعثمان عينًا تجري، فجئت إلى رسولَ الله ﷺ فأخبرتُه، فقال: "ذاك عملُه". =