للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيا ليتَ شِعْري هل لَك الدَّهْرَ رَجْعَةٌ … فحَسْبي من الدنيا رُجُوعُك لي بَجَلْ (١)

تُذَكِّرُنِيهِ الشمسُ عند طُلُوعها … ويَعرِضُ لي ذِكرَاهُ إِذْ عَسْعَسَ الطَّفَلْ (٢)

وإن هَبَّتِ الأرواحُ هَيْمَنَ ذِكرُهُ … فيَا طُولَ أحزاني عليه ويا وَجَلْ

سأُعمِلُ نَصَّ العِيسِ (٣) في الأرض جاهِدًا … ولا أسأَمُ التَّطوافَ أو تَسأَمَ الإبل

فيأتيَ أو تأتيَ عليَّ مَنيَّتي … وكلُّ امرئٍ فانٍ وإن غَرَّهُ الأمَلْ

فقَدِمَ حارثةُ بن شَرَاحِيلَ إلى مكةَ في إخوتِه وأهلِ بيتِه، فأتى النَّبِيّ في فِناءِ الكَعْبة في نفرٍ من أصحابه، فيهم زيدُ بن حارثة، فلما نَظَروا إلى زيدٍ عَرفُوه وعَرَفَهم ولم يقُمْ إليهم إجلالًا لرسولِ الله ، فقالوا له: يا زَيدُ، فلم يُجِبْهم، فقال له النَّبِيُّ : "مَن هؤلاء يا زيدُ؟ " قال: يا رسول الله، هذا أبي وهذا عمِّي وهذا أخي وهؤلاءِ عشيرتي، فقال النَّبِيّ : "قُمْ فَسَلِّمْ عليهم يا زيد" فقام فسلَّم عليهم وسلَّمُوا عليه، ثم قالوا له: امْضِ مَعَنا يا زَيدُ، فقال: ما أُريدُ برسولِ الله بدَلًا ولا غيرَه أحدًا، فقالوا: يا محمدُ، إنا مُعطُوكَ بهذا الغلامِ دِياتٍ، فَسَمِّ ما شئتَ فإنا حامِلُوه إليك، فقال: "أسألُكم أن تَشهَدوا أن لا إله إلَّا الله وأني خاتَمُ أنبيائِه ورُسُله، وأُرسِلُه معَكَم" فأَبَوا وتَلكَّؤوا وتَلَجْلَجُوا، فقالوا: تَقبَّلْ منا ما عَرَضْنا عليك من الدنانير، فقال لهم: "هاهنا خَصْلةٌ غيرُ هذِه، قد جَعَلتُ الأمرَ إليه، فإن شاءَ فليَقُمْ وإن شاءَ فليَدخُلْ"


(١) بَجَل وتُسكَّن الجيم، واللام ساكنة أبدًا، اسم فِعل بمعنى: حَسْب.
(٢) الطَّفَل بفتحتين: وقت مغيب الشمس حين تصفَرّ ويضعُف ضوؤها.
(٣) نصُّ العِيس: سَيْر الإبل السَّريع، فالنصُّ: هو السير السريع، والعِيسُ: الإبل البِيض التي في بياضها ظلمة خفيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>