للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= في "سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٢٢. يعني قوله في أول الحديث: إلى نُصُب من الأنصاب، فذبحنا له شاةً، إلى أن قال: فجعلناها في سُفرتنا.
وأخرجه النسائي (٨١٣٢) عن موسى بن حزام، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
ويشهد للقصة الأُولى قصة زيد بن عمرو بن نُفيل دون ذكر الذبح للنُّصُب حديثُ عبد الله بن عُمر بن الخطاب عند البخاري (٣٨٢٦) و (٣٨٢٧) وغيره، غير أنه جاء في قصة السُّفرة: أنَّ النَّبِيّ قدَّم لزيد بن عمر و سُفرةً فيها لحمٌ فأبى أن يأكل منها، وقال: إني لستُ آكلُ مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلّا ما ذُكر اسمُ اللهِ عليه.
ويشهد للقصة أيضًا حديثُ سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل عند أحمد ٣/ (١٦٤٨) وغيره، غير أنه جاء في قصة السُّفرة: أنَّ رسول الله كان هو وزيد بن حارثة بمكة، فمرَّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال: يا ابن أخي، إني لا آكل مما ذُبح على النُّصُب، قال: فما رُئِيَ النَّبِيّ بعد ذلك أكل شيئًا مما ذُبح على النُّصب.
قال إبراهيم بن إسحاق الحربيّ بعد أن خرَّج حديث زيد بن حارثة في "غريب الحديث" ٢/ ٧٩١: قوله: ذبحنا شاةً لنُصُب من الأنصاب، لذلك وجهان إما أن يكون زيدٌ فعله من غير أمر رسول الله ولا رضاهُ، إلا أنه كان معه فنسب ذلك إليه، لأنَّ زيدًا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما كان اللهُ أعطاه نبيَّه ، ومنعه مما لا يحلُّ من أمر الجاهلية، وكيف يجوز ذلك وهو قد مَنَعَ زيدًا في حديثه هذا أن يمسّ صنمًا، وما مسَّه النَّبِيّ قبل نبوته ولا بعدُ، فهو ينهى زيدًا عن مسِّه ويَرضى أن يَذبح له، هذا محالٌ.
والوجه الثاني: أن يكون ذَبح لزاده في خروجه، فاتفق ذلك عند صنمٍ كانوا يذبحون عنده، فكان الذبح منهم للصنم، والذبح منه الله تعالى، إلّا أنَّ الموضع جَمَعَ بين الذَّبْحين، فأما ظاهر ما جاء به الحديث فمَعاذَ الله.
قال الذهبي في "السير" ١/ ١٣٥ بعد أن نقل كلام الحربي هذا: هذا حسنٌ، فإنما الأعمال بالنية. أما زيد فأخذَ بالظاهر، وكان الباطن الله، وربما سكت النَّبِيّ عن الإفصاح خوف الشرّ، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان نعلم أيضًا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرًا بذمها بين قريش، ولا معلنًا لمَقْتها قبل المبعث.
ثم قال الحربي معلقًا على حديثي ابن عمر وسعيد بن زيد: ليس فيهما بيانُ أنه ذَبَحَ أو أَمَرَ بذلك، ولعلَّ زيدًا ظنَّ أنَّ ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها، فامتنع لذلك، ولم يكن الأمر كما ظن، فإن كان ذلك فُعل فبغير أمره ولا رضاه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>