قلنا: سعيد بن عنبسة اتُّهم بالكذب وعبد الرحمن بن مُسهِر متروك الحديث، وأمثلُهم الحسنُ بن الحكم بن طهمان، وقد قال عنه أبو حاتم: حديثُه صالح ليس بذاك يضطرب، واستغرب الدارقطني حديثه هذا فيما نقله عنه الخطيب البغدادي، ووافقه على ذلك. وأما أبو عاصم - وهو الضحاك بن مخلد - فهو ثقة حافظ، فمن هنا كانت روايتُه هي الصحيحة دون ما عداها، ثم إنه لا يُعرف لأبي معدان رواية عن عون بن أبي جُحيفة، في حين أننا وقفنا على روايتين له عن عون بن عبد الله بن عُتبة إحداهما عند ابن أبي حاتم في "تفسيره"، والأخرى عند البيهقي في "شعبة الإيمان" (١٠٢٦٨). وأخرج نحوه أحمد ١٣/ (٧٩٠٦)، وأبو داود (٣٢٨٤) من طريق يزيد بن هارون، عن المسعودي - واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - عن عون بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود أخي عبد الله بن مسعود، عن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن أبي هريرة، بأخصر من رواية عُتبة بن مسعود. ووقع عند أبي داود ذكر عبد الله بن عُتبة والد عون بدل أخيه عُبيد الله، والصحيح ذكر عُبيد الله كما في رواية أحمد. وقد خالف عونًا في إسناده ابن شهاب الزهريُّ، فروى نحوه عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن رجلٍ من الأنصار: أنه جاء بأمةٍ سوداء، فذكره، أخرجه أحمد ٢٥/ (١٥٧٤٣)، وغيره، وفيه زيادة سؤالها عن البعث بعد الموت، وفيه أيضًا مغايرة في السؤال الأول، حيث جاء فيه: "أتشهدين أن لا إله إلّا الله؟ " قالت: نعم. ولهذا جزم ابن خزيمة في "التوحيد" ١/ ٢٨٨ بأنه حديثٌ آخر غير حديث المسعودي عن عونٍ. وبذلك صار عندنا ثلاثةُ أحاديث: حديثُ عتبة بن مسعود، وحديثُ أبي هريرة، وحديثُ الرجل الأنصاري، وبينها اختلافٌ في سياقها ومغايرة في بعض حروفها، وزيادات في بعضها دون بعض، فكأنَّ في الحديث اضطرابًا، والله تعالى أعلم.