للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرايةُ يَحملُها أبو هاشم بن عُتبة، وقد قُتل أصحابُ عليٍّ ذلكَ اليومَ حتى كان العصرُ، ثم تَقدَّم عمّار بن ياسر ورأى أبا هاشم يَقْدُمُه، وقد جَنَحَتِ الشمسُ الغُروب، ومع عَمّار ضَيْحٌ من لَبَنٍ يَنتظِرُ وُجُوبَ الشمس أن يُفطِر، فقال حين وَجَبَت الشمسُ وشَرِبَ الضَّيْحَ: سمعتُ رسولَ الله يقول: "آخِرُ زَادِك من الدنيا ضَيْحٌ مِن لَبَنٍ"، قال: ثم اقتَربَ فقاتَلَ حتى قُتِل، وهو ابن أربعٍ وتِسعين سنةً (١).

٥٧٦٠ - قال ابن عُمر: وحدثني عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن عُمارة بن خُزَيمة بن ثابتٍ، قال: شهدَ خُزَيمةُ بن ثابت الجَمَل، وهو لا يَسُلُّ سَيفًا، وشهِدَ صِفِّين، قال: أنا لا أضِلُّ أبدًا حتى يُقتَل عمّارٌ، فأنظُرَ مَن يَقتُلُه، فإني سمعتُ رسولَ الله يقول: "تَقتُلكَ الفِئةُ الباغِيَةُ". قال: فلما قُتل عمّار، قال خُزيمةُ: قد حانَتْ لي الضَّلالة، ثم اقترب فقاتَلَ حتى قُتِل، وكان الذي قتل عمارًا أبو غاديةَ المُزَني طَعَنه برُمحٍ فسَقَط، وكان يومئذٍ يُقاتِل وهو ابن أربعٍ وتِسعين، فلما وقع كَبَّ عليه رجلٌ آخرُ فاحتَزَّ رأسَه، فأقبَلا يَختَصِمان كلٌّ منهما يقول: أنا قتلتُه، فقال عَمرو بن العاص: والله إن يَختَصِمان إلَّا في النار، فسَمِعَها منه معاويةُ، فلما انصرف الرجلانِ، قال معاويةُ لعمرو: ما رأيتُ مثلَ ما صنعتَ، قومٌ بَذَلُوا أنفُسَهم دُونَنا، تقولُ لهما: إنكما تختصمانِ في النار؟! فقال عَمرو: هو واللهِ ذاكَ، واللهِ إنك لَتَعْلمُه ولَوَدِدتُ أني مِتُّ قبلَ هذا بعشرين سنةً (٢).


(١) وأخرجه ابن سعد ٣/ ١٧١ - ١٧٢ عن محمد بن عُمر الواقدي، به. لكنه قال: والراية يحملها هاشم بن عُتبة، وهو الصحيح كما سيأتي برقم (٥٧٩٢) و (٥٧٩٦).
وللمرفوع منه شاهد من رواية إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف سيأتي عند المصنف برقم (٥٧٧٢) وإسناده صحيح.
وآخر من مرسل أبي البَخْتَري سيأتي عند المصنف كذلك برقم (٥٧٧٣)، ورجاله ثقات. والضَّيْحُ والضَّيَاحُ: اللبنُ الخاثر يُصَبُّ فيه الماءُ ثم يُخلَط.
(٢) وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" ٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠، ومن طريقه ابن عساكر ١٦/ ٣٧٠ و ٤٣/ ٤٧١ عن محمد بن عمر الواقدي، به. والواقدي تفرد بهذا السياق، وهو متكلَّم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>