للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأيته هربتُ منه، فقال: أبا محمدٍ! فقلت: لبَّيْكَ، قال: ما لك؟ قلت: الخوفُ، قال: لا خوفَ عليك، تعالَ (١) أنت آمنٌ بأمان الله ﷿، فرجعتُ إليه، فسلَّمتُ عليه، فقال: اذهَبْ إلى منزلك، قلت: هل لي سبيلٌ إلى منزلي، والله ما أُراني أَصِلُ إلى بيتي حيًّا حتَّى أُلفَى فأُقتَل، أو يُدخَلَ عليَّ منزلي فأُقتل، وإنَّ عِيالي لفي مواضِعَ شتَّى، قال: فاجمَعْ عيالَك في موضع، وأنا أبلُغُ معك إلى منزلك، فبَلَغَ معي، وجعل يُنادي: إِنَّ حُويطبًا آمنٌ فلا يُهَجْ، ثم انصرف أبو ذرٍّ إلى رسول الله فأخبره، فقال: "أوليسَ قد آمَنَ الناسُ كلُّهم إلَّا من أَمرتُ بقتلِهم؟ ".

قال: فاطمأننتُ ورَدَدتُ عِيالي إلى منازلهم، وعاد إليَّ أبو ذر، فقال لي: يا أبا محمد، حتَّى متى (٢) وإلى متى؟! قد سُبقتَ في المواطن كلها، وفاتَكَ خيرٌ كثيرٌ وبقي خيرٌ كثير، فأتِ رسولَ الله فأسلِمْ تَسلَمْ، ورسولُ الله أبرُّ الناسِ وأوصلُ الناس وأحلمُ الناس، شَرَفُه شرفُك، وعِزُّه عزُّك، قال: قلت: فأنا أخرجُ معك فآتِيهِ، فخرجتُ معه حتَّى أتيتُ رسولَ الله بالبطحاءِ وعنده أبو بكر وعمر، فوقفتُ على رأسه وسألتُ أبا ذرٍّ: كيف يقال إذا سُلِّمَ عليه؟ قال: قل: السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، فقلتُها، فقال: "وعليكَ السلام حُويطِبُ". فقلت: أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، وأنك رسولُ الله، فقال رسول الله: "الحمدُ لله الذي هَدَاك"، قال: وسُرَّ رسولُ الله بإسلامي، واستقرَضَني مالًا فأقرضتُه أربعينَ ألفَ درهمٍ، وشَهِدتُ معه حُنينًا والطائفَ، وأعطاني من غنائم حُنينٍ مئةَ بعير (٣).


(١) تحرَّف في نسخنا الخطية: إلى فقال، والتصويب من مصادر التخريج.
(٢) في (ز) و (ب): حتَّى ومتى، وقوله: "ومتى" سقط من (م) و (ص)، والمثبت من المصادر.
(٣) إسناده ضعيف تفرَّد به الواقدي، وله فيه إسنادان:
الأول: إبراهيم بن جعفر عن أبيه، وهما صالحان إلّا أنَّ فيه مظنة الانقطاع كسابقه، والثاني: ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن المنذر بن جهم، وهذا إسناد تالف، عدا أن فيه الواقدي، فابن أبي سبرة متروك واتهمه أحمد بالكذب، والمنذر بن جهم مجهول. =

<<  <  ج: ص:  >  >>