أُراك تَنفلِتُ، ثم كتب إليه بعد ذلك: اعلَمْ أنَّ رسول الله ﷺ لا يأتيه أحدٌ يَشْهَدُ أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، إلَّا قَبلَ ذلك وأسقَطَ ما كان قبلَ ذلك، فإذا جاءك كتابي هذا فأسلمْ وأَقبِلْ.
فأسلَمَ كعبٌ، وقال القصيدةَ التي يَمدَحُ فيها رسولَ الله ﷺ، ثم أقَبَل حتى أناخ راحلتَه بباب مسجدِ رسول الله ﷺ، ثم دخل المسجدَ ورسولُ الله ﷺ مع أصحابه مكانَ المائدةِ من القوم، مُتحلِّقون معه حَلْقةً دونَ حَلْقَةٍ، يلتفتُ إلى هؤلاء مرةً فيحدِّثُهم، وإلى هؤلاء مرةً فيحدِّثُهم، قال كعب: فأنَحْتُ راحِلَتي بباب المسجد، فعَرَفتُ رسولَ الله ﷺ بالصِّفَة، فتخطَّيتُ حتى جلستُ إليه فأسلمتُ، فقلت: أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وأنك رسولُ الله، الأمانَ يا رسول الله، قال:"ومَن أنتَ؟ " قلت: أنا كعبُ بن زُهَير، قال:"الذي يقولُ"، ثم الْتفَتَ إلى أبي بكر فقال:"كيف قالَ يا أبا بكرٍ؟ " فأنشَدَه أبو بكر:
سَقَاكَ أبو بكرٍ بكأسٍ رَوِيَّةٍ … وأَنْهَلَكَ المأمونُ منها وعَلَّكَا
قال: يا رسول الله، ما قلتُ، هكذا، قال: و"كيف قلت؟ " قال: إنما قلتُ:
سَقَاَك أبو بكرٍ بكأسٍ رَوِيَّةٍ … وأَنْهَلَكَ المأمورُ منها وعَلَّكَا
فقال رسول الله ﷺ:"مأمورٌ واللهِ". ثم أنشَدَه القصيدة كلَّها حتى أَتى على آخرِها.
وأمْلاها عليَّ الحجّاجُ بن ذي الرُّقَيبة حتى أتى على آخرها؛ وهي هذه القصيدةُ: