للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على خُلُقٍ لم تُلف أمًّا ولا أبًا … عليه ولم تُلْفِ عليه أبًا لَكَا

فإنْ أنت لم تَفعلْ فلستُ بآسِفٍ … ولا قائلٍ لمَّا عَشَرتَ لَعالَكَا

سَقَاكَ بها المأمونُ كأسًا رَوِيَّةً … فَأَنْهَلَكَ المأمونُ منها وعَلَّكَا

قال: وإنما قال كعبٌ: المأمونُ، لقول قريش لرسول الله وكانت تقولُه، فلما بَلَغَ كعبًا ذلك ضاقَتْ به الأرضُ وأشفَقَ على نفسه، وأَرجَفَ به مَن كان في حاضرِه من عدوِّه، قال: هو مقتولٌ، فلما لم يَجِدْ من شيءٍ بُدًّا، قال قصيدتَه التي يَمدَحُ فيها رسولَ الله ؛ وذَكَر خوفَه وإرجافَ الوُشَاةِ به من عندَه (١)، ثم خرج حتى قَدِمَ المدينة، فنَزَلَ على رجل كانت بينه وبينه معرفةٌ من جُهَينة - كما ذُكِرَ لي - فغَدًا به إلى رسول الله حين صَلَّى الصبح، فصلَّى مع الناس، ثم أشارَ له إلى رسول الله فقال: هذا رسولُ الله ، فقُمْ إليه. فذُكِرَ لي: أنه قام إلى رسول الله حتى وَضَعَ يَده في يدِه، وكان رسول الله لا يعرفُه، فقال: يا رسول الله، إنَّ كعب بن زهير جاء ليستأمِنَ منك تائبًا مسلمًا، هل قابلٌ منه إن أنا جئتُك به؟ فقال رسول الله : "نعم" فقال: يا رسول الله، أنا كعبُ بنُ زهير.

٦٦٢٣ م - قال ابن إسحاق: فحدَّثَني عاصمُ بن عمر بن قَتاَدة قال: وَثَبَ عليه رجلٌ من الأنصار وقال: يا رسول الله، دَعْني وعدوَّ الله أضرِبْ عنقَه، فقال رسول الله : "دَعُهُ عنكَ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا، فغَضِبَ كعبٌ على هذا الحيِّ من الأنصار لِمَا صَنَعَ به صاحبُهم، وذلك أنه لم يكن يتكلَّمُ رجلٌ من المهاجرين فيه إلَّا بخير. فقال قصيدتَه التي قال حين قَدِمَ على رسول الله : بانت سعادُ … فذكر القصيدة إلى آخرها، وزاد فيها:

تَرمِي الفِجاجَ بعَينَيْ مُفرَدٍ لَهِقٍ … إذا توقَّدَتِ الحِزّانُ فالمِيلُ


(١) كذا في رواية محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، وفي "سيرة ابن هشام" -وهي من رواية زياد البكائي عن ابن إسحاق- ٢/ ٥٠٣: من عدوّه، وهي أوجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>