للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرجلَ، فقال: "اعجَلْ (١) عليهم وأعِنْهم بها".

قال زيد بن سَعْنة: فلما كان قبلَ مَحَلِّ الأجل بيومين أو ثلاثةٍ أتيتُه، فأخذتُ بمَجامعِ قميصِه وردائِه، ونظرتُ إليه بوجهٍ غليظ، فقلتُ له: ألا تقضِيني يا محمدُ حقِّي، فوالله ما عَلِمتُكم بني عبد المطلب بمُطْلٍ، ولقد كان لي بمُخالطتِكم علمٌ، ونظرتُ إلى عمر فإذا عيناه تدورانِ في وجهه كالفَلَك المُستدير، ثم رماني ببصرِه، فقال: يا عدوَّ الله، أتقولُ الرسول الله ما أسمعُ، وتصنعُ به ما أرى؟! فوالذي بعثَه بالحقِّ لولا ما أُحاذِرُ فَوْتَه لضربتُ بسيفي رأسك، ورسول الله ينظرُ إلى عمر في سكون وتُوَّدَةٍ وتبسُّم، ثم قال: "يا عمرُ، أنا وهو كُنَّا أحوج إلى غير هذا؛ أن تأمرَني بحُسن الأداءِ، وتأمره بحُسن التِّباعة، اذهَبْ به يا عمرُ فأَعطِه حقَّه، وزِدْه عشرينَ صاعًا من تمر".

فقلتُ: ما هذه الزيادةُ يا عمر؟ قال: أمرني رسولُ الله أن أزيدَك مكانَ ما رُعْتُكَ، قلت: وتعرفُني يا عمرُ؟ قال: لا، من أنت؟ قلتُ: زيدُ بن سَعْنة، قال: الحَبْر، قلت: الحَبْرُ، قال: فما دعاك أن فعلتَ برسولِ الله ما فعلتَ وقلتَ له ما قلتَ؟ قلتُ له: يا عمرُ، لم يكن من علاماتِ النبوة شيءٌ إِلَّا وقد عرفتُه في وجهِ رسولِ الله حينِ نظرتُ إليه إلَّا اثنتين لم أخبُرْهما منه: هل يَسبِقُ حِلمُه جهله، ولا تزيدُه (٢) شِدَّة الجهلِ عليه إلَّا حِلمًا فقد اختبرتُهما، فأُشهدك يا عمرُ أني قد رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وأُشهدك أن شَطْر مالي -فإنِّي أكثرُها (٣) مالًا- صدقةٌ على أمة محمِّد ، فقال عمر: أو على بعضهم، فإنَّك لا تَسَعُهم، قلتُ: أو على بعضهم، فرجع زيدٌ إلى رسولِ الله ، فقال زيدٌ: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده (٤) ورسوله،


(١) تحرَّف في النسخ الخطية إلى: اعدل.
(٢) في النسخ الخطية: تزده!
(٣) في (م) و (ص): أكثر، وفي (ب) تحرف إلى: أكثرهما، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر.
(٤) في (م): أنَّ محمدًا رسول الله عبده ورسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>