للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هريرة، عن النبيِّ قال: "إِنَّ الله تعالى اطَّلعَ على (١) أهل بدرٍ، فقال: اعْمَلُوا ما شِئْتُم، فقد غَفَرتُ لكم" (٢).


(١) في (م) و (ص): إلى.
(٢) إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النجود - وقد انفرد بهذا اللفظ، والأخبار التي رويت في هذا إنما جاءت بعبارة الترجي: "لعلَّ الله قد اطلع … فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم"، وسنذكر كلام الحافظ ابن حجر في ذلك. أبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه أبو داود (٤٦٥٤) عن موسى بن إسماعيل، وابن حبان (٤٧٩٨) من طريق أبي نصر التمار عبد الملك القشيري، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. ورواية ابن حبان مطولة ذكر في أولها قصة.
وانظر ما سلف برقمي (٥٣٩٣) و (٧١٤٢).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٢/ ٦٠ - ٦١: المراد منه هنا: الاستدلال على فضل أهل بدر بقولِه المذكور، وهي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم.
ووقع الخبر بألفاظٍ: منها: "فقد غَفَرت لكم"، ومنها: "فقد وَجَبَت لكم الجنَّة". وكلها بلفظ: "لعلَّ الله اطَّلَعَ، لكن قال العلماء: إنَّ الترجي في كلام الله وكلام رسوله للوقوع. وقد وقع عند أحمد (٧٩٤٠) وأبي داود (٤٦٥٤) وابن أبي شيبة (١٢/ ١٥٥) من حديث أبي هريرة بالجزمِ ولفظه: "إنَّ الله اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتُم، فقد غفرتُ لكم"، وعند أحمد (١٤٤٨٤ و ١٥٢٦٢) بإسناد على شرط مسلم من حديث جابر مرفوعًا: "لن يدخل النار أحدٌ شهدَ بدرًا [والحديبية] ".
وقد استُشكِلَ قوله: "اعملوا ما شئتُم"، فإنَّ ظاهره أنَّه للإباحة، وهو خلاف عَقْد الشَّرع، وأجيب: بأنه إخبار عن الماضي، أي: كلّ عمل كان لكم فهو مغفور، ويؤيِّده أنَّه لو كان لمَا يَستَقبلونه من العمل لم يقع بلفظ الماضي، ولقال: فسأغفرُه لكم، وتُعقِّب بأنَّه لو كان للماضي، لما حَسُن الاستدلال به في قصة حاطب لأنه خاطَبَ به عمرَ مُنكِرًا عليه ما قال في أمر حاطبٍ، وهذه القصّة كانت بعد بدر بستِّ سنين، فدَلَّ على أنَّ المراد ما سيأتي، وأورده بلفظ الماضي مبالغة في تحقيقه.
وقيل: إنَّ صيغة الأمر في قوله: "اعملوا" للتشريف والتكريم، والمراد عدم المؤاخذة بما يَصدُر منهم بعد ذلك، وأنَّهم خُصّوا بذلك لمَا حصل لهم من الحال العظيمة التي اقتضت محو ذنوبهم السابقة، وتأهَّلوا لأن يغفر الله لهم الذُّنوب اللاحقة إن وَقَعَت، أي: كلّ ما عَمِلتُموه بعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>