للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سيأتي عنده مقرونًا بابن عمر برقم (٨٣٢١)، وفاته هنا أن يشير إلى حديث جابر بن عبد الله الآتي بعد حديث النفر المذكور.
قلنا: وقتل شارب الخمر في الرابعة منسوخ، قال الترمذي: وإنما كان هذا في أول الأمر، ثم نسخ بعدُ، هكذا روى محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: ثم أُتي النبي بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله. [سيأتي عند الحاكم برقم (٨٣٢٢)].
ثم قال الترمذي: وكذلك روى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي نحو هذا، فرُفع القتل وكانت رخصة. [أخرجه أبو داود برقم (٤٤٨٥) ورجاله ثقات].
ثم قال: والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوّي هذا ما روي عن النبي من أوجه كثيرة أنه قال: "لا يحلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله إلَّا بإحدى ثلاث: النَّفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه" [متفق عليه].
قلنا: ومما ورد من الآثار يؤيد ذلك ما رواه البخاري (٦٧٨٠) وغيره من حديث عمر بن الخطاب: أنَّ النبيَّ جلد رجلًا يقال له: عبد الله في الشراب فأُتي به يومًا فجُلد، فقال رجلٌ من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي : "لا تلعنوه، فوالله - ما علمتُ - إنه يحب الله ورسوله".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ٢١/ ٤٤٧: فيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرّر منه، فقد ذكر ابن عبد البر أنه أُتي به أكثر من خمسين مرة.
قلنا: وقد حكى الاتفاق على ترك قتل من تكرَّر منه شرب الخمر أكثر من ثلاث مرار: الإمامُ الشافعي في "الأم" ٧/ ٣٦٥ حيث قال: والقتل منسوخ بهذا الحديث [يعني حديث قبيصة بن ذؤيب] وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمته.
ومثله نقل ابن المنذر في "الأوسط" ١٣/ ١٦ عن أهل العلم، فقال: قد كان هذا من سنّة رسول الله ، ثم أُزيل القتل عن الشارب في المرة الرابعة بالأخبار الثابتة عن نبي الله وبإجماع عوام أهل العلم من أهل الحجاز وأهل العراق وأهل الشام، وكل من نحفظ قوله من أهل العلم عليه، إلا من شذَّ ممن لا يُعَدُّ خلافًا. ثم قال: ومن حُجّة من يقول بهذا القول، بأنَّ من المحال أن يقول رسول الله : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" ويُحله بخصلة رابعة، ومحال أن يكون قول رسول الله منتقضًا، وإن ادعى مدع أن أحد الخبرين قبل الآخر فدم المؤمن محظور باتفاقهم، وغير جائز أن يباح إلا باتفاق مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>