وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا خُلَفَاؤُهُ فِي الْجِزْيَةِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، بَلْ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَأَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرٍ، وَكَانُوا عَرَبًا، فَإِنَّ الْعَرَبَ أُمَّةٌ لَيْسَ لَهَا فِي الْأَصْلِ كِتَابٌ، وَكَانَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَدِينُ بِدِينِ مَنْ جَاوَرَهَا مِنَ الْأُمَمِ، فَكَانَتْ عَرَبُ الْبَحْرَيْنِ مَجُوسًا لِمُجَاوَرَتِهَا فَارِسَ، وَتَنُوخَ، وَبُهْرَةَ، وَبَنُو تَغْلِبَ نَصَارَى لِمُجَاوَرَتِهِمْ لِلرُّومِ، وَكَانَتْ قَبَائِلُ مِنَ الْيَمَنِ يَهُودَ لِمُجَاوَرَتِهِمْ لِيَهُودِ الْيَمَنِ، فَأَجْرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْكَامَ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ آبَاءَهُمْ، وَلَا مَتَى دَخَلُوا فِي دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ: هَلْ كَانَ دُخُولُهُمْ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَمِنْ أَيْنَ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَكَيْفَ يَنْضَبِطُ وَمَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ؟ وَقَدْ ثَبَتَ فِي السِّيَرِ وَالْمَغَازِي، أَنَّ مِنَ الْأَنْصَارِ مَنْ تَهَوَّدَ أَبْنَاؤُهُمْ بَعْدَ النَّسْخِ بِشَرِيعَةِ عِيسَى، وَأَرَادَ آبَاؤُهُمْ إِكْرَاهَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] [الْبَقَرَةِ: ٢٥٦] وَفِي قَوْلِهِ لمعاذ: ( «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عبد الرزاق فِي " مُصَنَّفِهِ " وأبو عبيد فِي " الْأَمْوَالِ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «أَمَرَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ: أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْيَمَنِ الْجِزْيَةَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَوْ حَالِمَةٍ» ) زَادَ أبو عبيد: عَبْدًا أَوْ أَمَةً، دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهُ مِنَ الْمَعَافِرِيِّ " فَهَذَا فِيهِ أَخْذُهَا مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْحُرِّ وَالرَّقِيقِ؟ قِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute