وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ فَجَاهَدَ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَالْمُنَافِقِينَ بِالْحُجَّةِ وَاللِّسَانِ.
وَأَمَرَهُ فِيهَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عُهُودِ الْكُفَّارِ، وَنَبْذِ عُهُودِهِمْ إِلَيْهِمْ، وَجَعَلَ أَهْلَ الْعَهْدِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمًا أَمَرَهُ بِقِتَالِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَلَمْ يَسْتَقِيمُوا لَهُ، فَحَارَبَهُمْ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ. وَقِسْمًا لَهُمْ عَهْدٌ مُؤَقَّتٌ لَمْ يَنْقُضُوهُ وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُتِمَّ لَهُمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ. وَقِسْمًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَهْدٌ وَلَمْ يُحَارِبُوهُ، أَوْ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ مُطْلَقٌ، فَأُمِرَ أَنْ يُؤَجِّلَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا انْسَلَخَتْ قَاتَلَهُمْ وَهِيَ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] [التَّوْبَةِ: ٢] وَهِيَ الْحُرُمُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] [التَّوْبَةِ: ٥] فَالْحُرُمُ هَاهُنَا: هِيَ أَشْهُرُ التَّسْيِيرِ، أَوَّلُهَا يَوْمُ الْأَذَانِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّأْذِينُ بِذَلِكَ، وَآخِرُهَا الْعَاشِرُ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَلَيْسَتْ هِيَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: ٣٦] [التَّوْبَةِ: ٣٦] فَإِنَّ تِلْكَ وَاحِدٌ فَرْدٌ، وَثَلَاثَةٌ سَرْدٌ: رَجَبٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ. وَلَمْ يُسَيِّرِ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَوَالِيَةٍ، وَهُوَ إِنَّمَا أَجَّلَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute