وأبو بكر وعمر وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَعَلَى الصَّلَاةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ رَدَّ أبا لبابة بن عبد المنذر، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالرَّايَةَ الْوَاحِدَةَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْأُخْرَى الَّتِي لِلْأَنْصَارِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَجَعَلَ عَلَى السَّاقَةِ قيس بن أبي صعصعة، وَسَارَ فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الصَّفْرَاءِ بَعَثَ بسبس بن عمرو الجهني، وعدي بن أبي الزغباء إِلَى بَدْرٍ يَتَجَسَّسَانِ أَخْبَارَ الْعِيرِ.
وَأَمَّا أبو سفيان، فَإِنَّهُ بَلَغَهُ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصْدَهُ إِيَّاهُ فَاسْتَأْجَرَ ضمضم بن عمرو الغفاري إِلَى مَكَّةَ مُسْتَصْرِخًا لِقُرَيْشٍ بِالنَّفِيرِ إِلَى عِيرِهِمْ؛ لِيَمْنَعُوهُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَبَلَغَ الصَّرِيخُ أَهْلَ مَكَّةَ، فَنَهَضُوا مُسْرِعِينَ وَأَوْعَبُوا فِي الْخُرُوجِ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ أَحَدٌ سِوَى أبي لهب، فَإِنَّهُ عَوَّضَ عَنْهُ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَحَشَدُوا فِيمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إِلَّا بَنِي عَدِيٍّ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: ٤٧] [الْأَنْفَالِ: ٤٧] وَأَقْبَلُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «بِحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِمْ، تُحَادُّهُ وَتُحَادُّ رَسُولَهُ» ) ، وَجَاءُوا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ، وَعَلَى حَمِيَّةٍ، وَغَضَبٍ، وَحَنَقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، لِمَا يُرِيدُونَ مِنْ أَخْذِ عِيرِهِمْ، وَقَتْلِ مَنْ فِيهَا، وَقَدْ أَصَابُوا بِالْأَمْسِ عمرو بن الحضرمي، وَالْعِيرَ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ، فَجَمَعَهُمُ اللَّهُ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: ٤٢] [الْأَنْفَالِ: ٤٢] .
وَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُرُوجُ قُرَيْشٍ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَتَكَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ فَأَحْسَنُوا، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ ثَانِيًا، فَتَكَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ فَأَحْسَنُوا، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ ثَالِثًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute