فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، وَخَفَضَ أبو سفيان فَلَحِقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ نَجَا، وَأَحْرَزَ الْعِيرَ كَتَبَ إِلَى قُرَيْشٍ: أَنِ ارْجِعُوا، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتُحْرِزُوا عِيرَكُمْ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ، وَهُمْ بِالْجُحْفَةِ، فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ، فَقَالَ أبو جهل: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْدَمَ بَدْرًا، فَنُقِيمَ بِهَا، وَنُطْعِمَ مَنْ حَضَرَنَا مِنَ الْعَرَبِ، وَتَخَافُنَا الْعَرَبُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَشَارَ الأخنس بن شريق عَلَيْهِمْ بِالرُّجُوعِ، فَعَصَوْهُ، فَرَجَعَ هُوَ وَبَنُو زُهْرَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا زُهْرِيٌّ، فَاغْتَبَطَتْ بَنُو زُهْرَةَ بَعْدُ بِرَأْيِ الأخنس، فَلَمْ يَزَلْ فِيهِمْ مُطَاعًا مُعَظَّمًا، وَأَرَادَتْ بَنُو هَاشِمٍ الرُّجُوعَ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ أبو جهل، وَقَالَ: لَا تُفَارِقُنَا هَذِهِ الْعِصَابَةُ حَتَّى نَرْجِعَ فَسَارُوا، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ عَشِيًّا أَدْنَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَدْرٍ، فَقَالَ: ( «أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْمَنْزِلِ» ) . فَقَالَ الحباب بن المنذر: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا عَالِمٌ بِهَا وَبِقُلُبِهَا، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ نَسِيرَ إِلَى قُلُبٍ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَهِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، عَذْبَةٌ، فَنَنْزِلَ عَلَيْهَا وَنَسْبِقَ الْقَوْمَ إِلَيْهَا وَنُغَوِّرَ مَا سِوَاهَا مِنَ الْمِيَاهِ.
وَسَارَ الْمُشْرِكُونَ سِرَاعًا يُرِيدُونَ الْمَاءَ وَبَعَثَ عليا وسعدا والزبير إِلَى بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ، فَقَدِمُوا بِعَبْدَيْنِ لِقُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَأَلَهُمَا أَصْحَابُهُ مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: نَحْنُ سُقَاةٌ لِقُرَيْشٍ، فَكَرِهَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَوَدُّوا لَوْ كَانَا لِعِيرِ أبي سفيان، ( «فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا: أَخْبِرَانِي أَيْنَ قُرَيْشٌ؟ قَالَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute