وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ، وَاسْتَغَاثُوهُ، وَأَخْلَصُوا لَهُ، وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَائِكَتِهِ: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: ١٢] [الْأَنْفَالِ: ١٢] ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: ٩] [الْأَنْفَالِ: ٩] ، قُرِئَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، فَقِيلَ: الْمَعْنَى إِنَّهُمْ رِدْفٌ لَكُمْ. وَقِيلَ: يُرْدِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْسَالًا لَمْ يَأْتُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً.
فَإِنْ قِيلَ: هَاهُنَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَمَدَّهُمْ بِأَلْفٍ، وَفِي (سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) قَالَ: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ - بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: ١٢٤ - ١٢٥] [آلِ عِمْرَانَ: ١٢٤- ١٢٥] فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟
قِيلَ: قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْإِمْدَادِ الَّذِي بِثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَالَّذِي بِالْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ إِمْدَادًا مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ، فَلَمَّا فَاتَ شَرْطُهُ، فَاتَ الْإِمْدَادُ، وَهَذَا قَوْلُ الضحاك ومقاتل، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عكرمة.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، ومجاهد، وقتادة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute