للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَى قُتِلَ. فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ» ) .

وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِلْءَ كَفِّهِ مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَرَمَى بِهَا وُجُوهَ الْعَدُوِّ، فَلَمْ تَتْرُكْ رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا مَلَأَتْ عَيْنَيْهِ، وَشُغِلُوا بِالتُّرَابِ فِي أَعْيُنِهِمْ، وَشُغِلَ الْمُسْلِمُونَ بِقَتْلِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِ هَذِهِ الرَّمْيَةِ عَلَى رَسُولِهِ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] [الْأَنْفَالِ: ١٧] .

وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ عَنِ الْعَبْدِ، وَإِثْبَاتِهِ لِلَّهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الْفَاعِلُ حَقِيقَةً، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَثْبَتَ لِرَسُولِهِ ابْتِدَاءَ الرَّمْيِ، وَنَفَى عَنْهُ الْإِيصَالَ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِرَمْيَتِهِ فَالرَّمْيُ يُرَادُ بِهِ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ، فَأَثْبَتَ لِنَبِيِّهِ الْحَذْفَ، وَنَفَى عَنْهُ الْإِيصَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>