مَعْشَرَ النَّاسِ! لَا يَهْزِمَنَّكُمْ خِذْلَانُ سراقة إِيَّاكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى ميعاد مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَا يَهُولَنَّكُمْ قَتْلُ عتبة وشيبة والوليد فَإِنَّهُمْ قَدْ عُجِّلُوا، فَوَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْرِنَهُمْ بِالْحِبَالِ، وَلَا أُلْفِيَنَّ رَجُلًا مِنْكُمْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ خُذُوهُمْ أَخْذًا حَتَّى نُعَرِّفَهُمْ سُوءَ صَنِيعِهِمْ) .
وَاسْتَفْتَحَ أبو جهل فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُهُ فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ، اللَّهُمَّ أَيُّنَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ، وَأَرْضَى عِنْدَكَ، فَانْصُرْهُ الْيَوْمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ١٩] [الْأَنْفَالِ: ١٩] .
وَلَمَّا وَضَعَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْعَدُوِّ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَاقِفٌ عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ الْعَرِيشُ مُتَوَشِّحًا بِالسَّيْفِ فِي نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْكَرَاهِيَةَ لِمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" كَأَنَّكَ تَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ؟ " قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ كَانَتْ أَوَّلَ وَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا اللَّهُ بِالْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الْإِثْخَانُ فِي الْقَتْلِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنِ اسْتِبْقَاءِ الرِّجَالِ» ) .
وَلَمَّا بَرَدَتِ الْحَرْبُ وَوَلَّى الْقَوْمُ مُنْهَزِمِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أبو جهل؟ " فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عفراء حَتَّى بَرَدَ، وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أبو جهل؟ فَقَالَ: لِمَنِ الدَّائِرَةُ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَهَلْ أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ فَقَتَلَهُ عبد الله، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَتَلْتُهُ: فَقَالَ: " اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ " فَرَدَّدَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute