ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا إِلَى قَلِيبٍ مِنْ قُلُبِ بَدْرٍ، فَطُرِحُوا فِيهِ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: " يَا عتبة بن ربيعة، وَيَا شيبة بن ربيعة، وَيَا فُلَانُ، وَيَا فُلَانُ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقَّا، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقَّا "، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُخَاطِبُ مِنْ أَقْوَامٍ قَدْ جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْجَوَابَ ". ثُمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثًا، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا» ) .
ثُمَّ ارْتَحَلَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، قَرِيرَ الْعَيْنِ بِنَصْرِ اللَّهِ لَهُ، وَمَعَهُ الْأُسَارَى وَالْمَغَانِمُ، فَلَمَّا كَانَ بِالصَّفْرَاءِ، قَسَمَ الْغَنَائِمَ وَضَرَبَ عُنُقَ النضر بن الحارث بن كلدة، ثُمَّ لَمَّا نَزَلَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ، ضَرَبَ عُنُقَ عقبة بن أبي معيط.
وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ مُؤَيَّدًا مُظَفَّرًا مَنْصُورًا قَدْ خَافَهُ كُلُّ عَدُوٍّ لَهُ الْمَدِينَةَ وَحَوْلَهَا، فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَحِينَئِذٍ دَخَلَ عبد الله بن أبي الْمُنَافِقُ وَأَصْحَابُهُ فِي الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا.
وَجُمْلَةُ مَنْ حَضَرَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ وَثَمَانُونَ، وَمِنَ الْأَوْسِ أَحَدٌ وَسِتُّونَ، وَمِنَ الْخَزْرَجِ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ، وَإِنَّمَا قَلَّ عَدَدُ الْأَوْسِ عَنِ الْخَزْرَجِ، وَإِنْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ، وَأَقْوَى شَوْكَةً، وَأَصْبَرَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، لِأَنَّ مَنَازِلَهُمْ كَانَتْ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَجَاءَ النَّفِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute