للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: يَا سعد إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ مِنْ دُونِ أُحُدٍ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَوُجِدَ بِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ جِرَاحَةً» ) .

وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ عَرَفَهُ تَحْتَ الْمِغْفَرِ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَبْشِرُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَنَهَضُوا مَعَهُ إِلَى الشِّعْبِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ، وَفِيهِمْ أبو بكر، وعمر، وعلي، والحارث بن الصمة الأنصاري، وَغَيْرُهُمْ، فَلَمَّا اسْتَنَدُوا إِلَى الْجَبَلِ، أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبي بن خلف عَلَى جَوَادٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الْعَوْذُ، زَعَمَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنَّهُ يَقْتُلُ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُ، تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبَةَ مِنَ الحارث بن الصمة، فَطَعَنَهُ بِهَا، فَجَاءَتْ فِي تَرْقُوَتِهِ، فَكَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: وَاللَّهِ مَا بِكَ مِنْ بَأْسٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَا بِي بِأَهْلِ ذِي الْمَجَازِ، لَمَاتُوا أَجْمَعُونَ، وَكَانَ يَعْلِفُ فَرَسَهُ بِمَكَّةَ وَيَقُولُ: أَقْتُلُ عَلَيْهِ مُحَمَّدًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( «بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» ) ، فَلَمَّا طَعَنَهُ تَذَكَّرَ عَدُوُّ اللَّهِ قَوْلَهُ: أَنَا قَاتِلُهُ، فَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي طَرِيقِهِ بِسَرِفَ مَرْجِعَهُ إِلَى مَكَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>