للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاءِ وَنَصْبِ " أَصْحَابَنَا " عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ وَرَفْعِ " أَصْحَابُنَا " عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ.

وَوَجْهُ النَّصْبِ: أَنَّ الْأَنْصَارَ لَمَّا خَرَجُوا لِلْقِتَالِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى قُتِلُوا، وَلَمْ يَخْرُجِ الْقُرَشِيَّانِ، قَالَ ذَلِكَ، أَيْ: مَا أَنْصَفَتْ قُرَيْشٌ الْأَنْصَارَ.

وَوَجْهُ الرَّفْعِ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَصْحَابِ الَّذِينَ فَرُّوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُفْرِدَ فِي النَّفَرِ الْقَلِيلِ، فَقُتِلُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَلَمْ يُنْصِفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ.

وَفِي " صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " عَنْ عائشة، قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: ( «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْصَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلًا يُقَاتِلُ عَنْهُ وَيَحْمِيهِ، قُلْتُ: كُنْ طلحة فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، كُنْ طلحة فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَلَمْ أَنْشَبْ، أَنْ أَدْرَكَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَإِذَا هُوَ يَشْتَدُّ كَأَنَّهُ طَيْرٌ حَتَّى لَحِقَنِي، فَدَفَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا طلحة بَيْنَ يَدَيْهِ صَرِيعًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دُونَكُمْ أَخَاكُمْ فَقَدْ أَوْجَبَ "، وَقَدْ رُمِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَبِينِهِ، وَرُوِيَ فِي وَجْنَتِهِ، حَتَى غَابَتْ حَلْقَةٌ مِنْ حَلَقِ الْمِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ، فَذَهَبْتُ لِأَنْزِعَهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أبو عبيدة: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أبا بكر إِلَّا تَرَكْتَنِي؟ قَالَ: فَأَخَذَ أبو عبيدة السَّهْمَ بِفِيهِ، فَجَعَلَ يُنَضْنِضُهُ كَرَاهَةَ أَنْ يُؤْذِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَلَّ السَّهْمَ بِفِيهِ، فَنَدَرَتْ ثَنِيَّةُ أبي عبيدة، قَالَ أبو بكر: ثُمَّ ذَهَبْتُ لِآخُذَ الْآخَرَ، فَقَالَ أبو عبيدة: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أبا بكر إِلَّا تَرَكْتَنِي؟ قَالَ فَأَخَذَهُ، فَجَعَلَ يُنَضْنِضُهُ حَتَى اسْتَلَّهُ، فَنَدَرَتْ ثَنِيَّةُ أبي عبيدة الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دُونَكُمْ أَخَاكُمْ فَقَدْ أَوْجَبَ "، قَالَ: فَأَقْبَلْنَا عَلَى طلحة نُعَالِجُهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ بِضْعَةَ عَشَرَ ضَرْبَةً» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>