للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَفِيَّهَ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَيْنِ لِيُكَفِّنَ فِيهِمَا حمزة، فَكَفَّنَهُ فِي أَحَدِهِمَا، وَكَفَّنَ فِي الْآخَرِ رَجُلًا آخَرَ» .

قِيلَ: حمزة كَانَ الْكُفَّارُ قَدْ سَلَبُوهُ، وَمَثَّلُوا بِهِ، وَبَقَرُوا عَنْ بَطْنِهِ، وَاسْتَخْرَجُوا كَبِدَهُ؛ فَلِذَلِكَ كُفِّنَ فِي كَفَنٍ آخَرَ. وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الضَّعْفِ نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ فِي مَغَازِيهِ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ، وَنُوَّابُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ» ) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» ) .

قِيلَ: أَمَّا صَلَاتُهُ عَلَيْهِمْ، فَكَانَتْ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ مِنْ قَتْلِهِمْ قُرْبَ مَوْتِهِ، كَالْمُوَدِّعِ لَهُمْ، وَيُشْبِهُ هَذَا خُرُوجُهُ إِلَى الْبَقِيعِ قَبْلَ مَوْتِهِ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَهَذِهِ كَانَتْ تَوْدِيعًا مِنْهُ لَهُمْ، لَا أَنَّهَا سُنَّةُ الصّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤَخِّرْهَا ثَمَانِيَ سِنِينَ، لَا سِيّمَا عِنْدَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>