فَلَمَّا كَانَ صَفَرٌ قَدِمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ، وَذَكَرُوا أَنَّ فِيهِمْ إسْلَامًا، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ مَنْ يُعَلِّمُهُمُ الدِّينَ وَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنُ، فَبَعَثَ مَعَهُمْ سِتَّةَ نَفَرٍ فِي قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانُوا عَشَرَةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وَفِيهِمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ، فَذَهَبُوا مَعَهُمْ، فَلَمَّا كَانُوا بِالرَّجِيعِ، وَهُوَ مَاءٌ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ غَدَرُوا بِهِمْ وَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَجَاءُوا حَتَّى أَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَتَلُوا عَامَّتَهُمْ وَاسْتَأْسَرُوا خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ، وزيد بن الدثنة، فَذَهَبُوا بِهِمَا وَبَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، وَكَانَا قَتَلَا مِنْ رُءُوسِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَمَّا خبيب فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ مَسْجُونًا، ثُمَّ أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى صَلْبِهِ قَالَ: دَعُونِي حَتَّى أَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَصَلَّاهُمَا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا إنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بِدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ:
لَقَدْ أَجْمَعَ الْأَحْزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا ... قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ
وَكُلُّهُمُ مُبْدِي الْعَدَاوَةَ جَاهِدٌ ... عَلَيَّ لِأَنِّي فِي وَثَاقٍ بِمَضْيَعِ
وَقَدْ قَرَّبُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ ... وَقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute