أَبِي مُوسَى أَنَّهُ شَهِدَ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَلُفُّونَ عَلَى أَرْجُلِهِمُ الْخِرَقَ لَمَّا نُقِبَتْ.
وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَفِي " الْمُسْنَدِ " وَ " السُّنَنِ " أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ سَأَلَهُ: هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَتَى؟ قَالَ: عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ بَعْدَ خَيْبَرَ، وَأَنَّ مَنْ جَعَلَهَا قَبْلَ الْخَنْدَقِ فَقَدْ وَهِمَ وَهْمًا ظَاهِرًا، وَلَمَّا لَمْ يَفْطُنْ بَعْضُهُمْ لِهَذَا ادَّعَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ كَانَتْ مَرَّتَيْنِ، فَمَرَّةً قَبْلَ الْخَنْدَقِ، وَمَرَّةً بَعْدَهَا عَلَى عَادَتِهِمْ فِي تَعْدِيدِ الْوَقَائِعِ إذَا اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهَا أَوْ تَارِيخُهَا، وَلَوْ صَحَّ لِهَذَا الْقَائِلِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَا يَصِحُّ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ عُسْفَانَ، وَكَوْنِهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ، وَلَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّ تَأْخِيرَ يَوْمِ الْخَنْدَقِ جَائِزٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ، وَأَنَّ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا، وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ، لَكِنْ لَا حِيلَةَ لَهُمْ فِي قِصَّةِ عُسْفَانَ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لِلْخَوْفِ بِهَا، وَأَنَّهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ. فَالصَّوَابُ تَحْوِيلُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى مَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ بَلْ بَعْدَ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا تَقْلِيدًا لِأَهْلِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَنَا وَهْمُهُمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ بَعْدَ الْخَنْدَقِ مَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ جابر قَالَ: ( «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ: كُنَّا إذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute