للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْرِكِينَ فِي مُحَارَبَتِهِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ، وَشَرَطَ كعب عَلَى حيي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْفَرُوا بِمُحَمَّدٍ أَنْ يَجِيءَ حَتَّى يَدْخُلَ مَعَهُ فِي حِصْنِهِ، فَيُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَوَفَّى لَهُ بِهِ.

وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُ بَنِي قُرَيْظَةَ وَنَقْضُهُمْ لِلْعَهْدِ، فَبَعَثَ إلَيْهِمُ السَّعْدَيْنِ، وَخَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ لِيَعْرِفُوا: هَلْ هُمْ عَلَى عَهْدِهِمْ أَوْ قَدْ نَقَضُوهُ؟ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُمْ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا يَكُونُ، وَجَاهَرُوهُمْ بِالسَّبِّ وَالْعَدَاوَةِ، وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُمْ، وَلَحَنُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْنًا يُخْبِرُونَهُ أَنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَغَدَرُوا، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: ( «اللَّهُ أَكْبَرُ، أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ» ) وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ، وَاسْتَأْذَنَ بَعْضُ بَنِي حَارِثَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذِّهَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالُوا: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: ١٣] [الْأَحْزَابِ: ١٣] ، وَهَمَّ بَنُو سَلَمَةَ بِالْفَشَلِ، ثُمَّ ثَبَّتَ اللَّهُ الطَّائِفَتَيْنِ.

وَأَقَامَ الْمُشْرِكُونَ مُحَاصِرِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ لِأَجْلِ مَا حَالَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَنْدَقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّ فَوَارِسَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ عمرو بن عبد ود، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ أَقْبَلُوا نَحْوَ الْخَنْدَقِ، فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَيْهِ قَالُوا: إنَّ هَذِهِ مَكِيدَةٌ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُهَا، ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَانًا ضَيِّقًا مِنَ الْخَنْدَقِ، فَاقْتَحَمُوهُ، وَجَالَتْ بِهِمْ خَيْلُهُمْ فِي السَّبْخَةِ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَسَلْعٍ، وَدَعَوْا إِلَى الْبِرَازِ، فَانْتُدِبَ لعمرو عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَبَارَزَهُ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَكَانَ مِنْ شُجْعَانِ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْطَالِهِمْ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ إلَى أَصْحَابِهِمْ (وَكَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ " حم لَا يُنْصَرُونَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>