للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقِّ. قَالَ عمر: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا.

فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قَضِيِّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا) . فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أم سلمة، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أم سلمة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ: نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] ، حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] [الْمُمْتَحِنَةُ ١٠] ، فَطَلَّقَ عمر يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا معاوية وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَفِي مَرْجِعِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا - لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا - وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: ١ - ٣] [الْفَتْحُ ١ - ٣] فَقَالَ عمر: أَوَفَتْحٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ الصَّحَابَةُ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ٤] » ) [الْفَتْحُ: ٤]

«وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ جَاءَهُ أبو بصير - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - مُسْلِمًا، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، وَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا. فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أبو بصير لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا جَيِّدًا. فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ. فَقَالَ أبو بصير: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ. فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>