وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُ مُغَايَظَةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى فِي جُمْلَةِ هَدْيِهِ جَمَلًا لأبي جهل فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ يَغِيظُ بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩] [الْفَتْحُ: ٢٩] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: ١٢٠] [التَّوْبَةُ: ١٢٠] .
وَمِنْهَا: أَنَّ أَمِيرَ الْجَيْشِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْعَثَ الْعُيُونَ أَمَامَهُ نَحْوَ الْعَدُوِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمُشْرِكِ الْمَأْمُونِ فِي الْجِهَادِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ عينه الخزاعي كَانَ كَافِرًا إِذْ ذَاكَ، وَفِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى اخْتِلَاطِهِ بِالْعَدُوِّ وَأَخْذِهِ أَخْبَارَهُمْ.
وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُ مَشُورَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَجَيْشَهُ اسْتِخْرَاجًا لِوَجْهِ الرَّأْيِ وَاسْتِطَابَةً لِنَفُوسِهِمْ، وَأَمْنًا لِعَتَبِهِمْ وَتَعَرُّفًا لِمَصْلَحَةٍ يَخْتَصُّ بِعِلْمِهَا بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ الرَّبِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] [آلَ عِمْرَانَ: ١٥٩] وَقَدْ مَدَحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ بِقَوْلِهِ: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] [الشُّورَى: ٣٨] .
وَمِنْهَا: جَوَازُ سَبْيِ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا انْفَرَدُوا عَنْ رِجَالِهِمْ قَبْلَ مُقَاتَلَةِ الرِّجَالِ.
وَمِنْهَا: رَدُّ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ، وَلَوْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ. يَعْنِي حَرَنَتْ وَأَلَحَّتْ فَلَمْ تَسِرْ، وَالْخِلَاءُ فِي الْإِبِلِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ، نَظِيرُ الْحِرَانِ فِي الْخَيْلِ، فَلَمَّا نَسَبُوا إِلَى النَّاقَةِ مَا لَيْسَ مِنْ خُلُقِهَا وَطَبْعِهَا رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: ( «مَا خَلَأَتْ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ» ) ثُمَّ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبَبِ بُرُوكِهَا، وَأَنَّ الَّذِي حَبَسَ الْفِيلَ عَنْ مَكَّةَ حَبَسَهَا لِلْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ بِسَبَبِ حَبْسِهَا وَمَا جَرَى بَعْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute