لَيْسَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَذْمُومِ فِي غَيْرِهِ، وَفِي بَعْثِ الْبُدْنِ فِي وَجْهِ الرَّسُولِ الْآخَرِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ إِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ لِرُسُلِ الْكُفَّارِ.
وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمغيرة: ( «أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُشْرِكِ الْمُعَاهَدِ مَعْصُومٌ، وَأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ المغيرة كَانَ قَدْ صَحِبَهُمْ عَلَى الْأَمَانِ ثُمَّ غَدَرَ بِهِمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَتَعَرَّضِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَمْوَالِهِمْ وَلَا ذَبَّ عَنْهَا، وَلَا ضَمِنَهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِ المغيرة.
وَفِي قَوْلِ الصِّدِّيقِ لعروة: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ. دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّصْرِيحِ بِاسْمِ الْعَوْرَةِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَقْتَضِيهَا تِلْكَ الْحَالُ، كَمَا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَرِّحَ لِمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ بِهَنِ أَبِيهِ، وَيُقَالُ لَهُ: اعْضُضْ أَيْرَ أَبِيكَ، وَلَا يُكَنِّى لَهُ، فَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ.
وَمِنْهَا: احْتِمَالُ قِلَّةِ أَدَبِ رَسُولِ الْكُفَّارِ وَجَهْلِهِ وَجَفْوَتِهِ، وَلَا يُقَابَلُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَلَمْ يُقَابِلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عروة عَلَى أَخْذِهِ بِلِحْيَتِهِ وَقْتَ خِطَابِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ عَادَةَ الْعَرَبِ، لَكِنَّ الْوَقَارَ وَالتَّعْظِيمَ خِلَافُ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يُقَابِلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولَيْ مسيلمة حِينَ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: ( «لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمَا» )
وَمِنْهَا: طَهَارَةُ النُّخَامَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ رَأْسٍ أَوْ صَدْرٍ.
وَمِنْهَا: طَهَارَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.
وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُ التَّفَاؤُلِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الطِّيَرَةِ الْمَكْرُوهَةِ؛ لِقَوْلِهِ لَمَّا جَاءَ سهيل " «سَهُلَ أَمْرُكُمْ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute