للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ شداد بن الهاد: ( «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، فَقَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ. فَأَوْصَى بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ خَيْبَرَ غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَسَمَهُ، وَقَسَمَ لِلْأَعْرَابِيِّ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَهُ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قَسْمٌ قَسَمْتُهُ لَكَ. قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِ اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - بِسَهْمٍ، فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ. ثُمَّ نَهَضَ إِلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ: أَهْوَ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ. فَكَفَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُبَّتِهِ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ قُتِلَ شَهِيدًا وَأَنَا عَلَيْهِ شَهِيدٌ» ) .

قَالَ الْوَاقِدِيُّ ( «وَتَحَوَّلَتِ الْيَهُودُ إِلَى قَلْعَةِ الزبير - حِصْنٍ مَنِيعٍ فِي رَأْسِ قُلَّةٍ - فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ: عَزَالٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّكَ لَوْ أَقَمْتَ شَهْرًا مَا بَالَوْا، إِنَّ لَهُمْ شَرَابًا وَعُيُونًا تَحْتَ الْأَرْضِ يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَلْعَتِهِمْ فَيَمْتَنِعُونَ مِنْكَ، فَإِنْ قَطَعْتَ مَشْرَبَهُمْ عَلَيْهِمْ أَصْحَرُوا لَكَ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَائِهِمْ فَقَطَعَهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا قُطِعَ عَلَيْهِمْ خَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَفَرٌ، وَأُصِيبَ نَحْوُ الْعَشَرَةِ مِنَ الْيَهُودِ، وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْكُتَيْبَةِ وَالْوَطِيحِ وَالسُّلَالِمِ حِصْنِ ابن أبي الحقيق، فَتَحَصَّنَ أَهْلُهُ أَشَدَّ التَّحَصُّنِ، وَجَاءَهُمْ كُلُّ فَلٍّ كَانَ انْهَزَمَ مِنَ النَّطَاةِ وَالشِّقِّ، فَإِنَّ خَيْبَرَ كَانَتْ جَانِبَيْنِ الْأَوَّلُ: الشِّقُّ وَالنَّطَاةُ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَهُ أَوَّلًا، وَالْجَانِبُ الثَّانِي: الْكُتَيْبَةُ وَالْوَطِيحُ وَالسُّلَالِمُ، فَجَعَلُوا لَا يَخْرُجُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ حَتَّى هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْصِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>