وَلَمَّا قَدِمَ جعفر عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ وَقَالَ: ( «وَاللَّهِ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَفْرَحُ؛ بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جعفر» ) ؟ .
وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ جعفرا لَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَلَ، يَعْنِي: مَشَى عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إِعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُ أَشْبَاهُ الدِّبَابِ الرَّقَّاصُونَ أَصْلًا لَهُمْ فِي الرَّقْصِ، فَقَالَ البيهقي، وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيِّ عَنْ أبي الزبير عَنْ جابر: وَفِي إِسْنَادِهِ إِلَى الثَّوْرِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ.
قُلْتُ: وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى جَوَازِ التَّشَبُّهِ بِالدِّبَابِ وَالتَّكَسُّرِ وَالتَّخَنُّثِ فِي الْمَشْيِ الْمُنَافِي لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ هَذَا لَعَلَّهُ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْحَبَشَةِ تَعْظِيمًا لِكُبَرَائِهَا كَضَرْبِ الْجُوكِ عِنْدَ التُّرْكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَجَرَى جعفر عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ وَفَعَلَهَا مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا لِسُنَّةِ الْإِسْلَامِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنَ الْقَفْزِ وَالتَّكَسُّرِ وَالتَّثَنِّي وَالتَّخَنُّثِ؟! وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ( «كَانَتْ بَنُو فَزَارَةَ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَر لِيُعِينُوهُمْ، فَرَاسَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُعِينُوهُمْ، وَأَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُمْ وَلَكُمْ مِنْ خَيْبَرَ كَذَا وَكَذَا، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ أَتَاهُ مَنْ كَانَ ثَمَّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فَقَالُوا: وَعْدَكَ الَّذِي وَعَدْتَنَا. فَقَالَ: لَكُمْ ذُو الرُّقَيْبَةِ. جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ خَيْبَرَ، فَقَالُوا: إِذًا نُقَاتِلُكَ. فَقَالَ: مَوْعِدُكُمْ كَذَا. فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجُوا هَارِبِينَ» )
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ أبو شييم المزني - وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ -: ( «لَمَّا نَفَرْنَا إِلَى أَهْلِنَا مَعَ عيينة بن حصن رَجَعَ بِنَا عيينة، فَلَمَّا كَانَ دُونَ خَيْبَرَ عَرَّسْنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَفَزِعْنَا، فَقَالَ عيينة: أَبْشِرُوا، إِنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ فِي النَّوْمِ أَنَّنِي أُعْطِيتُ ذَا الرُّقَيْبَةِ - جَبَلًا بِخَيْبَرَ - قَدْ وَاللَّهِ أَخَذْتُ بِرَقَبَةِ مُحَمَّدٍ. فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قَدِمَ عيينة، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي مَا غَنِمْتَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute