حذيفة ( «أَنَّهُ بَالَ قَائِمًا» ) فَقِيلَ: هَذَا بَيَانٌ لِلْجَوَازِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا فَعَلَهُ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِمَأْبِضَيْهِ. وَقِيلَ فَعَلَهُ اسْتِشْفَاءً.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْعَرَبُ تَسْتَشْفِي مِنْ وَجَعِ الصُّلْبِ بِالْبَوْلِ قَائِمًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَنَزُّهًا وَبُعْدًا مِنْ إِصَابَةِ الْبَوْلِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا لَمَّا أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ - وَهُوَ مَلْقَى الْكُنَاسَةِ - وَتُسَمَّى الْمَزْبَلَةَ، وَهِيَ تَكُونُ مُرْتَفِعَةً، فَلَوْ بَالَ فِيهَا الرَّجُلُ قَاعِدًا لَارْتَدَّ عَلَيْهِ بَوْلُهُ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتَرَ بِهَا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ فَلَمْ يَكُنْ بَدٌّ مِنْ بَوْلِهِ قَائِمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الترمذي عَنْ (عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ: يَا عمر لَا تَبُلْ قَائِمًا، قَالَ: فَمَا بُلْتُ قَائِمًا بَعْدُ» ) ، قَالَ الترمذي: وَإِنَّمَا رَفَعَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَفِي مُسْنَدِ البزار وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «ثَلَاثٌ مِنَ الْجَفَاءِ: أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا، أَوْ يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، أَوْ يَنْفُخَ فِي سُجُودِهِ» ) وَرَوَاهُ الترمذي وَقَالَ: هُوَ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute