للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا نَلْقَى فِيهِ عَدُوَّنَا غَدًا، فَقَالَ صفوان: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: " بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ حَتَّى نُؤَدِّيَهَا إِلَيْكَ "، فَقَالَ: لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِمَا يَكْفِيهَا مِنَ السِّلَاحِ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَهُ أَنْ يَكْفِيَهُمْ حَمْلَهَا، فَفَعَلَ» ) .

ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ أَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، مَعَ عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ، فَفَتَحَ اللَّهُ بِهِمْ مَكَّةَ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَاسْتَعْمَلَ عتاب بن أسيد عَلَى مَكَّةَ أَمِيرًا، ثُمَّ مَضَى يُرِيدُ لِقَاءَ هَوَازِنَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن جابر، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ، انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ، إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا. قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، وَكَانَ الْقَوْمُ سَبَقُونَا إِلَى الْوَادِي، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَحْنَائِهِ وَمَضَايِقِهِ قَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا، فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا - وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ - إِلَّا الْكَتَائِبُ، قَدْ شَدُّوا عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَانْشَمَرَ النَّاسُ رَاجِعِينَ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ، وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَالَ: ( «إِلَى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ هَلُمَّ إِلَيَّ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ) وَبَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَفِيمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أبو بكر وعمر، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ علي والعباس، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُهُ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وأيمن ابن أم أيمن، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ.

قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ طَوِيلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ، وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ إِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَاتَّبَعُوهُ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>