للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الشَّدْخَةِ عِنْدَ جِدَارِ الطَّائِفِ، دَخَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ دَبَّابَةٍ، ثُمَّ دَخَلُوا بِهَا إِلَى جِدَارِ الطَّائِفِ لِيُحْرِقُوهُ، فَأَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ ثَقِيفٌ سِكَكَ الْحَدِيدِ مُحْمَاةً بِالنَّارِ، فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِهَا، فَرَمَتْهُمْ ثَقِيفٌ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ رِجَالًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ، فَوَقَعَ النَّاسُ فِيهَا يَقْطَعُونَ.

قَالَ ابن سعد: فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَهَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فَإِنِّي أَدَعُهَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ» " فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيُّمَا عَبْدٍ نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَخَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ أبو بكرة، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَدَفَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُونُهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً.

وَلَمْ يُؤْذَنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَتْحِ الطَّائِفِ، وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نوفل بن معاوية الديلي، فَقَالَ: مَا تَرَى؟ فَقَالَ ثَعْلَبٌ: فِي جُحْرٍ إِنْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ أَخَذْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ.

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَضَجَّ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: نَرْحَلُ وَلَمْ يُفْتَحْ عَلَيْنَا الطَّائِفُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» ) ، فَغَدَوْا، فَأَصَابَتِ الْمُسْلِمِينَ جِرَاحَاتٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ) فَسُرُّوا بِذَلِكَ وَأَذْعَنُوا، وَجَعَلُوا يَرْحَلُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضْحَكُ، فَلَمَّا ارْتَحَلُوا وَاسْتَقَلُّوا، قَالَ قُولُوا: ( «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» ) ، وَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ عَلَى ثَقِيفٍ. فَقَالَ: ( «اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا وَائْتِ بِهِمْ» )

<<  <  ج: ص:  >  >>