وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَحْرَصِهِمْ عَلَى التَّفَقُّهِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ.
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَمْرِهِمْ، وَتَوَجَّهُوا إِلَى بِلَادِهِمْ رَاجِعِينَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فِي هَدْمِ الطَّاغِيَةِ، فَخَرَجَا مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى إِذَا قَدِمُوا الطَّائِفَ أَرَادَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنْ يُقَدِّمَ أبا سفيان، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أبو سفيان، فَقَالَ: ادْخُلْ أَنْتَ عَلَى قَوْمِكَ، وَأَقَامَ أبو سفيان بِمَالِهِ بِذِي الْهَدْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَاهَا يَضْرِبُهَا بِالْمِعْوَلِ، وَقَامَ دُونَهُ بَنُو مُعَتِّبٍ خَشْيَةَ أَنْ يُرْمَى أَوْ يُصَابَ كَمَا أُصِيبَ عروة، وَخَرَجَ نِسَاءُ ثَقِيفٍ حُسَّرًا يَبْكِينَ عَلَيْهَا، وَيَقُولُ أبو سفيان - والمغيرة يَضْرِبُهَا بِالْفَأْسِ - " وَاهًا لَكَ وَاهًا لَكَ " فَلَمَّا هَدَمَهَا المغيرة وَأَخَذَ مَالَهَا وَحُلِيَّهَا، أَرْسَلَ إِلَى أبي سفيان مَجْمُوعَ مَالِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَزْعِ.
وَقَدْ كَانَ أبو مليح بن عروة، وقارب بن الأسود، قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفْدِ ثَقِيفٍ حَيْنَ قُتِلَ عروة، يُرِيدَانِ فِرَاقَ ثَقِيفٍ، وَأَنْ لَا يُجَامِعَاهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا فَأَسْلَمَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «تَوَلَّيَا مَنْ شِئْتُمَا " قَالَا: نَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَخَالَكُمَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ " فَقَالَا: وَخَالَنَا أبا سفيان» ) .
فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ، «سَأَلَ أبو مليح رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْضِيَ عَنْ أَبِيهِ عروة دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الطَّاغِيَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ قارب بن الأسود: وَعَنِ الأسود يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِهِ - وعروة والأسود أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ الْأَسْوَدَ مَاتَ مُشْرِكًا) فَقَالَ قارب بن الأسود: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَكِنْ تَصِلُ مُسْلِمًا ذَا قَرَابَةٍ - يَعْنِي نَفْسَهُ - وَإِنَّمَا الدَّيْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute